رواية قلب مصاب بالحب صالح وياسمين كاملة جميع الفصول

رواية قلب مصاب بالحب صالح وياسمين للكاتبة ناهد خالد هي حكاية تنبض بالمشاعر وتفيض بالصراعات الداخلية والخارجية، حيث تتقاطع الأقدار وتتشابك المصائر في قصة حب مختلفة لا تخضع للمنطق أو الزمن.في رواية قلب مصاب بالحب، يعيش القارئ حالة من الانجذاب العاطفي والتوتر النفسي، وسط أحداث متسارعة تكشف أسرارًا مدفونة وقرارات مصيرية تغير كل شيء. الرواية لا تقدم حبًا مثاليًا، بل واقعيًا، مليئًا بالتحديات والتضحيات.

رواية قلب مصاب بالحب صالح وياسمين كاملة جميع الفصول

رواية قلب مصاب بالحب من الفصل الاول للاخير بقلم ناهد خالد

_صالح أنت مضايق من حاجه؟!

رفع عينيهِ عن الهاتف بملل واضح ورد بفتور:

_لا عادي..

نظرت له قليلاً بتفحص ثم قالت بصوت خافت مضطرب وكأنها تخشى رده على السؤال الذي قررت طرحه :

_تحب نمشي طيب؟


انتفض معتدلاً في جلسته بحماس وهو يرى قرب تخلصه من هذا اللقاء الممل ورد بلهفه واضحه :

_آه ياريت.. قصدي لو أنتِ حابه تمشي..

قال جملته الأخيره حين شعر بحماسه الزائد..
فنظرت له بأعين التمعت بها الدموع التي أبت أن تسقط وقالت بخفوت متماسك :

_ آه حابه أمشي.

وقف سريعًا ما إن انهت جملتها وقام بدفع الحساب ثم اتجه معها للخارج وحين وصلا أمام المطعم وجدته يتوقف وقال بعدما نظر في هاتفه :

_ معلش بقى يا ياسمين امشي أنتِ أصل افتكرت شغل مهم عندي في المصنع لازم أروح اخلصه .

نظرت حولها بتوتر لم تعتاد أن تسير بمفردها وقد قاربت على العاشره مساءً، هي بالاساس لا تخرج بمفردها ليلاً بالأخص فأبيها لا يسمح لها بالخروج لخوفه الشديد عليها ..

قطع حيرتها وهو يقول متعجلاً بنبره غير مهتمه بها :

_وياريت لو عمي سألك تقوليله أني وصلتك ومشيت عشان يعني ميزعلش أنتِ عارفه تفكيره.. يلا خدي بالك من نفسك…

أنهى حديثه ولم يعطيها فرصه للرد وذهب من أمامها فوراً كأنه يهرب من شئ يلاحقه!.

خفضت بصرها لأسفل وسقطت دموعها التي احتجزتها لدقائق.. سقطت قهرًا على حالها.. صالح ابن عمها حبها الأحمق له يرهق قلبها كثيرًا ويفتك بهِ، وهُنا يأتي السؤال متى ستتوقف عن حبه؟! , لقد باتت موقنه أن صالح لا يحبها واضطر لخطبتها لرغبة والدته ليس إلا ، منذُ الخطبه وهو يعاملها بإهمال جلي ، ويتحدث معها أقل من القليل ، لا يطلب الخروج معها إلا حينما تطلب منه والدته أمام الجميع أن يأخذها ويخرجا قليلاً.. لا يتحدث معها إلا إذا تحدثت هي ، وحين تحدثه تشعر أنه قد ملَ من المكالمه التي لا تتجاوز الدقائق القليله.. تحاول جذب أطراف الحديث فتسأله عن يومه فيرد مجبرًا بكلمات موجزه ، وحين يجلس معها يمسك هاتفه ويظل منشغل بهِ وكأنه يخبرها بلطافه أنه لا يريد الجلوس معها.. رفعت رأسها ومسحت دموعها بضيق قبل أن تشير لأحد السيارات الأجره وتستقلها للعوده لمنزلها.

________(ناهد خالد )______

ما إن ابتعد عنها حتى زفر باختناق وكأنه قد إستطاع التنفس أخيرًا..

فتح باب سيارته وجلس على مقعد السائق وقبل أن يغلق الباب ليتحرك استمع لرنين هاتفه فضغط زر الإجابه سريعًا :

_ خمس دقايق وهكون قدامك.

استمع لرد الطرف الآخر وهو يقول :

_متأخر ربع ساعه على ميعادك ولسه هستنى!

رد بنبره لينه وهو يقول:

_ معلش يا مُنمن والله كان عندي مشوار مهم يدوب خلصته.

آتاه صوتها مره أخرى تقول متأفافه :

_ بسرعه يا صالح، أنا زهقت من الإنتظار.

ابتسم وهو يدير سيارته وقال بمزاح :

_ غمضي عينك واستحضري صورتي هتفتحي عينك هتلاقيني قدامك..

________

_ سابك ومشي؟!

أومأت بصمت وهي تنظر ل ” إسلام” بحرج .. تلجأ للحديث معه لأنها لا تملك غيره ، ليس لها أصدقاء ووالدتها قد توفت ووالدها لن تقدر أن تسرد له ما يفعله صالح معها فهي لا تريد مشاكل بينهما ..

استمعت لنبرة “إسلام” الجاده وهو يقول :

_ ياسمين أنتِ هتقدري تكملي معاه وهو كده؟ دي فترة الخطوبه المفروض أكتر فتره فيها اهتمام وحب ولهفه لكلام ولا خروجه ولا قعده بينكوا، إذا كان بيعمل كده في الخطوبه أيه الي هيحصل بعد الجواز؟

اختنق صوتها من البكاء وهي تقول بدموع :

_ عارفه أني هعاني معاه بس غصب عني.. بحبه يا إسلام ومش عارفه أبطل أحبه، أنت شوفت فرحتي لما اتقدملي! .. شوفت أحلامي الي قعدت ابنيها على سراب! .. ايوه سراب.. صالح مش هينفذ ولا حلم من الي بنيته، صالح الحقيقي غير البطل الي رسمته في خيالي، أنا تايهه يا إسلام تايهه أوي مش عارفه أعمل إيه.. اسيبه؟!.. ماهو لو سبته مش هعرف اعيش من غيره ومش هتقبل أكون لحد غيره.. أعمل إيه وأنا بين نارين الاتنين هيحرقوني.. قولي أيه الحل؟

تنهد إسلام بضيق وقال :

_ أنا مش عارف أقولك إيه، بس صدقيني جحيم الفراق ولا نعيم القرب في الوضع ده .. أنتِ بعدين مش هتستحملي تحسي أن جوزك مبيحبكيش وكأنك مغصوبه عليه..مش هتستحملي إهماله وبعده عنك وقلة كلامه معاكِ وعدم إهتمامه بيكِ.. هتعاني كتير أوي، أنا عارف إن البعد صعب ومش حل مناسب ليكِ بس لو كملتِ على الوضع ده هتظلمي نفسك.

نظرت لأخيها بتفكير.. أنه على صواب إن استمرت ستظلم نفسها، لكنها إن ابتعدت ستحرق نفسها! أيهما أهون يا ترى؟

____(ناهد خالد )____

كانت في حيره من أمرها أتحدثه؟ هي معتاده أن تهاتفه يوميًا في الثانية عشر مساءً كي تتحدث معه قليلاً وتطمئن على عودته للمنزل وتحاول أن تسأله عن يومه لأنها لا تستطيع فعل هذا وهو أمامها، لقلة تبادل الأحاديث بينهما..

زفرت بضيق قبل أن تردد محاوله إقناع نفسها :

_ مش معنى إني هكلمه يبقى قررت أكمل أنا بس هكلمه أشوف رجع ولا لأ، بعدين شغل متأخر كده يبقى أكيد كان في مشكله في الشغل وممكن يكون متضايق دلوقتِ، أنا هكلمه أطمن بس إن الأمور تمام وهقفل مش هفتح معاه حوارات…

وبالفعل مسكت هاتفها وقامت بالإتصال بهِ، وبعد دقيقتان فُتحت المكالمه واستمعت لصوته الرجولي يقول :

_ ايوه يا ياسمين..

تنحنحت بتوتر وهي تقول :

_ خلصت شغلك ولا لسه؟

رد باقتضاب :

_ أنا لسه واصل البيت.

_ كويس، حمد الله على السلامة.

_الله يسلمك.

هكذا فقط وصمت، وهي لم تتفاجئ فهذا هو طبعه يرد بكلمات مقتضبه وإيجاز ليس إلا وعليها هي أن تطيل الحديث بأسئلتها..

_صالح أنت ليه متصلتش تشوفني وصلت ولا لأ؟!

سؤال لم تكن تنوي طرحه فقط خرج منها بتلقائيه لكثرة تردده في عقلها منذُ أن وصلت للبيت، أليس من الطبيعي أن يهاتفها ليطمئن من وصولها!

رد باستنكار لم يصل لها:

_ أيه الي هيحصل يعني طبيعي تكوني وصلتِ؟! ثُم إن المطعم مش بعيد عن البيت دي هي عشر دقايق.

ابتلعت غصه مريره احتلت حلقها قبل أن تقول بنبره هادئه :

_ معاك حق طبيعي هوصل.. هو أنت كان في مشكله في الشغل ولا حاجه أصل أول مره يكون في شغل بليل!

_ لأ عادي .

صمتت هذه المره ولم تجد حديث آخر تقوله فقالت :

_ تمام، عاوز حاجه قبل ما أقفل؟

أتاها صوتها الهادئ يقول:

_ شكرًا، تصبحي على خير..

وأُغلقت المكالمه!!، نظرت للهاتف بين يدها قبل أن تردد بخفوت متألم :

_ وأنت من أهل الخير..

_____________

في اليوم التالي وبعد تفكير طوال الليل اتخذت قرارها.. هي لن تستطيع البُعد فلتتحمل مرارة القرب إذًا وتحاول أن تجعله يشعر بها …

جلست بجواره كعادتها على الغداء بعدما دعته لتناول الغداء معهم ولم يمانع رغم تأفأفه من الأمر.. نظر لها بجانب عيناه وتذكر حين حدثته منذُ ساعه..

_ صالح أنزل اتغدا معانا..

تجعدت ملامحه بضيق وهو يبعد الهاتف عن أذنه بتأفأف ثم أعاده وقال بنبره عاديه :

_ مش لازم النهارده…

قالت متسائله بهدوء رغم حزنها من رفضه :

_ليه وراك حاجه؟

زفر بضيق خافت لم يصل لها وقال :

_ لأ.. بس يعني مش ضروري.. مفيش مناسبه.

أتاه نبرتها الحزينه وهي تهمس :

_خلاص زي ماتحب , هقول لبابا أنك مش فاضي عشان قولتله أني هقولك تتغدا معانا النهارده ..

مسح بكفه على وجهه بضيق وقال باقتضاب :

_ خلاص طيب نازل .

وها هو يجلس جوارها وهو يبتسم باصطناع.. وجهت نظرها له حين وقف فجأه وهو يقول :

_ تسلم إيدك يا ياسمين سفره دايمه يا عمي عن إذنكوا…

جمله كامله قالها دون تقطع واتجه للخروج فركضت هي لغرفتها لتجلب شئ ثم ركضت لباب الشقه لتلحقه على درجات السلم فهتفت بتنبيه :

_ صالح استنى ..

لوى فمه بضيق قبل أن يحتل البرود وجهه وهو يلتفت لها , ليراها تتقدم منه وبيدها حقيبة هدايا متوسطه الحجم وتبتسم باتساع وهي تقول بخجل :

_ كل سنه وأنت طيب.. أ.. أنا قلت أعزمك على الغدا النهارده عشان عيد ميلادك وكده وأعرف أقدملك الهديه .

قطب حاجبيهِ باستغراب كبير وهو يفتح شاشة هاتفه لينظر لتاريخ اليوم ووجده بالفعل عيد مولده …

التقط الحقيبه منها بملامح مندهشه وقال :

_ وأنتِ طيبه يا ياسمين .

ابتسمت له بلطف وعادت لشقتها مره أخرى.. وقف ينظر لها بشرود.. هو نفسه لم يتذكر عيد مولده ولا والدته ولا إخيهِ! .. كيف تذكرت هي؟!
أفاق من شروده على صوت هاتفه فنظر له ليجد اسم ” مُنى” يزينه.. صعد درجات السلم سريعًا ودلف لشقته ثم لغرفته ووضع الحقيبه فوق الفراش بإهمال حتى سقطت بعد ثوانِ وهو يتحدث بالهاتف.. أنهى حديثه وهو يلتقط مفتاح سيارته ويقول :

_ ماشي يا عمري ربع ساعه واكون في المطعم أشوفك هناك باي يا مُنمن..
ثم أغلق معها واتجه للخارج تاركًا الحقيبه ساقطه أرضًا ك قلب صاحبتها تمامًا ..

______

وصل للمطعم ليمرر بصره بين الحضور وأخيرًا وجدها جالسه على طاوله في آخر المطعم , عدل من تيشرته الأسود الأنيق فهو بالعاده يرتدي ملابس عصريه ” كاجول ” في حياته العاديه , لكن وقت العمل أو الحفلات الخاصه بالعمل يرتدي الملابس الكلاسيكيه .. نزع دبلته من كف يده ووضعها في جيب بنطاله ثم رسم ابتسامه هادئه على ثغره قبل أن يتجه لها وهتف حين وصل أمامها :

– مليش حق اسيب القمر ينتظرني , العاده أحنا اللي بننتظر القمر .

ضحكت بدلال وهي تقول بابتسامه واسعه :

– بكاش أوي , ومحدش يقدر يغلبك .

جلس وهو يغمز لها بشقاوه مرددًا :

– أنا ! ده أنا أغلب واحد في المجره .

أرجعت شعرها للوراء وهي تقول مبتسمه :

– غلبان ! طيب يا غلبان قلت ايه على رحلة الساحل ؟

رد مبتسمًا :

– ودي تفوتني برضو , زبط شغلي وطالع معاكِ بس هم 3 أيام وهرجع عشان الشغل وهسيبك مع صحابك .

– أوك , عمومًا هم هيسبقونا وهيمشوا بكره واحنا هنحصلهم بعد بكره عشان عندي عيد ميلاد ابن عمي بكره ولازم أروح .

اقترب ليضع ذراعيهِ على الطاوله وهو يقول لها بضيق مصطنع :

– اوعي يكون في بينكوا قصة حب ومخبيه عليا ..

ضحكت بهدوء ثم قالت بخبث :

– أنا مش بحبه بس , أنا بموت فيه .

رفع حاجبه باستياء مرددًا :

– والله ؟

اقتربت كما فعل هو وهي تغمز له قائله :

– ابن عمي عنده 4 سنين .

ابتسم باتساع وهو يقول :

– تشربي ايه بقى ؟

_____( ناهد خالد )____

– ها طمنيني عجبته الهديه ؟

قالتها ” جيهان ” وهي تجلس مع ” ياسمين ” في ردهة شقة ” محمود ” , أخفضت ” ياسمين ” نظرها بتوتر وهي تقول :

– بصراحه يا طنط أنا مشيت قبل ما يشوفها , اتكسفت أقوله افتحها .

تفهمت ” جيهان ” خجلها فابتسمت لها بهدوء وقالت :

– مش مشكله , أكيد هتعجبه , قوليلي طيب قالك أيه ؟

– أنا قلتله كل سنه وأنت طيب , فقالي وأنتِ طيبه .

ضيقت ” جيهان ” حاجبيها باستغراب وقالت :

– بس ؟!

أومأت إيجابًا وهي توضح :

– مانا مشيت بقى .

تنهدت بخفوت :

– ماشي , بس أكيد لما يشوف الهديه هيكلمك .

ابتسمت ابتسامه مقتضبه وقالت بيأس خفي :

– آه , أكيد , طب هنزل أنا .

هتفت ” جيهان ” بحماس وهي تنهض :

– استني هقوم اجيبلك من البسبوسه الي عملتها هتعجبك أوي .

ابتسمت بسعاده وهي تقول :

– واو , لأ هي فيها بسبوسه يبقي قاعده بقى .

دلفت ” جيهان ” للمطبخ وهي تردد :

– عملتها مخصوص عشانك .

نظرت حولها بهدوء قبل أن تتجه ببصرها لباب غرفته , أنتابها الفضول للدخول لغرفته كالعاده حين تصعد لهنا في غيابه , تحب شعورها بوجوده حولها رغم غيابه , تحب رائحة عطره التي تملأ الغرفه , تحب تلك اللحظات المعدوده التي تقضيها في تأمل غرفته ..

وقفت متجهه ناحية الباب بهدوء وهي تنظر حولها بتوتر خشيه أن يراها أحد , حتى وصلت للباب الموارب قليلاً فدفعته بيدها ببطئ كي لا يصدر صوت أثناء فتحه , ابتسمت باتساع حين هبت رياح مُحمله برائحة عطره , دلفت خطوتان وتوقفت مُمره عيناها في الغرفه بابتسامه عاشقه لتفاصيل هذه الغرفه فقط لأنها ملكه .. توقفت عيناها حين لمحت حقيبتها المُهداه له ملقاه أرضًا بجوار الفراش ..اندثرت ابتسامتها وهي تشعر بغصه مريره غزت حلقها فورًا..اقتربت بخطوات بطيئه وهي تتمنى أن تكون الهدايا ليست بها على الأقل , لكن خاب أملها حين رأت هداياها كما هي حتى لم يأخذ الظرف الذي كتبت بهِ بعض الكلمات التي تعبر عن مكنونات صدرها .
” هلا رأفت بقلبي ”
– ياسمين أنتِ روحتِ فين ؟
انتفضت على صوت ” جيهان ” القادم من الخارج فالتفت مسرعه تخرج من الغرفه وهي تحاول الثبات الواهي كي لا ينكشف أمرها ..
– كنتِ فين يا حبيبتي ؟
قالتها ” جيهان ” ما إن رأتها أمامها , فقالت بثبات مُستغله بُعد الصاله عن باقي أجزاء الشقه :
– كنت في الحمام ..
– طيب تعالي دوقي بقى .
ابتسمت باصطناع وأدعت التعب وهي تقول :
– معلش بقى يا طنط حسيت بطني تعبتني فجأه بلاش أكل منها لأحسن أتعب .
نظرت لها بقلق وهي تسألها :
– مالك يا حبيبتي ؟
– متقلقيش كويسه , بس أنا هنزل أخد شور دافي وهكون تمام .
_____
نزلت لشقتها وحمدت ربها أنها لم تقابل والدها وأخيها في الخارج , دلفت فورًا لغرفتها وأغلقت الباب خلفها , ثم اتجهت لفراشها وجلست عليهِ بهدوء خارجي لكنها من الداخل تحترق , ظلت جالسه لثوانِ بصمت وهي تتذكر فرحتها وهي تبتاع له الهديه وفرحتها وهي تعطيها له ثم كسرتها وهي تراها ملقاه أرضًا وكأنه هذا مكانها الطبيعي ..الأرض كمكان صاحبتها تمامًا لديهِ ..
أنسالت دمعه خائنه من عيناها دون إراده منها لكن بعدها انسالت باقي دموعها وكأن تلك الدمعه كانت أذنًا لهم , ارتمت نائمه على بطنها دافنه رأسها في الوساده لتمنع شهقاتها من الخروج , وعقلها يتذكر كل موقف حدث بينهما , كل مره كان السبب في كسر خاطرها وإضاعة فرحتها ,كل مره فعلت له شئ بفرحها أنهاها هو بالدموع ..ظلت تبكي هكذا حتى نامت دون أن تشعر …
_______” ناهد خالد “____
توقف أمام منزلها والتف مبتسمًا لها وهو يقول :
– مُنى هانم وصلنا .
ابتسمت له بمرح وهي تقول :
– طب ما تتفضل معايا .
غمز بعيناه وهو يقول بعبث :
– بجد ! طب ياريت .
نظرت له مرفرفه بأهدابها بدلال ثم قالت :
– اتلم يا صالح .
ابتسم بمرح وهو يقول :
– اتلم أكتر من كده ايه بس !
فتحت باب السياره وهي تقول :
– يلا باي يا بيبي , هكلمك بليل .
رد بهدوء وهو يدير سيارته :
– باي يا قمر .
انطلق بسيارته وبعد ثوانِ أخرج هاتفه حين استمع لرنينه فوجد إسم ما يزينه فضغط زر الإجابه وهو يقول بإبتسامه وصوت مُشرق :
– رورو , كده ماتكلمينيش طول اليوم أنتِ مش عارفه أني مبعرفش أكمل يومي من غيرك !
أتاه صوت ” رندا ” وهي تقول بضحكه عاليه :
– أطلع من الدور ده يا صالح , أنا مش واحده من الي بتثبتهم أنا صحبتك من ثانوي .
ضحك بمرح وهو يقول :
– شكلي اتلغبط بينكوا ولا ايه !
استمع لتنهيدتها اليائسه قبل أن تقول :
– هتبطل عك امتى بس !؟
ردد باستنكار :
– عك !
أجابته بصوت واثق :
– طبعًا عك , كل شهر مع بنت شكل وخروجات وكلام والأسوء أنك خاطب , قولي كنت فين سامعه صوت عربيات ؟
رد بضيق من حديثها :
– كنت مع مُنى .
أتاه نبرتها الساخره وهي تقول :
– متنساش تلبس دبلتك قبل ما تدخل البيت .
نظر لكف يده الخالي من ” دبلته ” فزفر بضيق وهو يقول لها :
– رندا اقفلي أنتِ نكد والله .
أغلق معها الهاتف وألقاه بجواره بإهمال ثم ضغط على زر المسجل كي يستمع لبعض الأغاني كي لا يفكر في حديث ” رندا ” السخيف من وجهة نظره , فصدح صوت المغنيه وهي تقول :
متحاسبنيش
على ذنب عملته إنت يا حبيبي ومتلومنيش
طول عمري بخاف إن أنا أجرح يوم إحساسك
متسبني أعيش
أنا رفضه أرجعلك بعد خيانتك ليا مفيش
عمري مشكيت لو حتى ثواني في إخلاصك
يا ما قولت عليك
إن إنت أناني مبتفكرش إلا في روحك
بتقولي عيشلك وإنت عايش بس لروحك
بتقولي عيشلك وإنت عايش بس لروحك
أنا شوفت عنيك
وكمان بتكدب عيني وجي تقول حكايات (آه
كل ما قربلك تبعدني عنك مسافات
كل ما قربلك تبعدني عنك مسافات
منك لله )
منك لله
قلبي بيتألم من جواه من اللي أنا حساه
مشيه ومشيفه أنا قدامي ولا حوليه
بقى سهل عليك إنك تجرحني وتظلمني أنا هونت عليك
كان نفسي تجرب إحساسي صعب عليا
يما قولت عليك
إن إنت أناني مبتفكرش إ….
ضغط على زر إغلاق المسجل وهو يجعد حاجبه بضيق , وأسئله تتقاذف لذهنه هل يمكن ل ياسمين أن تبتعد عنه إذا علمت أي شئ يخص علاقاته! , أيمكنها أن تقرر الإنفصال عنه للأبد ولا تقبل المسامحه ! , هل ستصبح بعدها لغيره ! , لا يعلم لِمَ شعر بضيق من تفكيره هذا لكنه أقنع نفسه بالعكس حين هتف بصوت عالي :
– حتى لو ما في داهيه هو أنا يعني هموت عليها !
أنهى حديثه ولا يعرف لِمَ لكنه مد يده يلتقط هاتفه ووجد نفسه يضغط على اسمها طالبًا إياها …
_______
فتحت عيناها بضعف حين سمعت صوت رنين الهاتف فالتقطه تنظر لشاشته فوجدته هو , زفرت بضيق وهي تحاول أن تبعد عن تفكيرها ما رأته منذُ ساعات , تطلعت للساعه المعلقه على الحائط فوجدتها الحادية عشر ليلاً لقد نامت لخمس ساعات ! ..
– السلام عليكم .
رددتها بهدوء بعدما فتحت المكالمه , فاستمعت لصوته الهادئ يرد :
– وعليكم السلام , صوتك بيقول أنك نايمه ..
قطبت حاجبيها باستغراب شديد وقد انتبهت لأمر هام للتو , صالح هو من يهاتفها ! منذُ متى وهو يفعل هذا ! ويفتح حديث معها أيضًا !!
ردت بذهول مسيطر عليها :
– أيوه , هو في حاجه؟
قالت الأخيره بقلق علّ شئ حدث لذا يحدثها …
رد باستغراب :
– لأ , عادي يعني , في ايه ؟
تنهدت براحه ثم قالت :
– أصل مش بالعاده بتتصل .
قال باستفسار :
– ازاي يعني ماحنا كل يوم بنتكلم !
زفرت بإرهاق ثم قالت بعدم اهتمام فلا فائده من الحديث :
– صح , أنت فوق؟
– لا جاي في الطريق .
صمتت لثانيه ثم سألته بخفوت :
– الهدايا عجبتك ؟
نظر للطريق جواره وهو يقول بعدما اهتمام :
– آه , حلوه .
سألته بمكر :
– أيه أكتر هديه عجبتك ؟
انتبه لسؤالها فتوتر قليلاً ولم يجيبها حتى قال باستعجال مصطنع لينهي المكالمه :
– ياسمين هكلمك لما أوصل عشان داخل على طريق زحمه ومش هعرف أتكلم معاكِ .
ابتسمت بسخريه حزينه وهي تقول :
– توصل بالسلامه .
أغلقت الهاتف بعد جملتها هذه وعادت تخلد للنوم ليس رغبةً في النوم بل هربًا من أفكارها …
_____( ناهد خالد )____
دلف لغرفته بعدما عاد من الخارج , اتجه للفراش وألقى عليهِ الهاتف ثم انحنى يجلب حقيبة الهدايا التي استغرب وجودها بالأرض لكن توقع أنها سقطت حين قذف بها على الفراش ..
جلس على الفراش وهو يخرج الهدايا من الحقيبه واحده تلو الأخرى فوجدهم عباره عن ( زجاجة عطر رائحته مختلفه عن نوع العطر الذي يضعه لكنه أجمل بكثير , وقميص أنيق أزرق اللون بلونه المفضل , و وساعه سوداء أنيقه , ومعها خاتم فضه بهِ فص أسود لامع , وأخيرًا جواب صغير مع الهدايا )
فتح الجواب بفضول ليقرأ ما بهِ ..
” وحبك كالمرض الذي أصاب قلبي منذ زمن مضى , وكلما حاولت التخلص منهِ أبى وازداد تمكنًا وكأنه يعاندي , مرض يرهقني لكني راضيه بهِ , أرأيت أحد من قبل يحب مرضه ! أنا هكذا ولا أتمنى الخلاص منه ولا أظنني سأقدر حتى وإن أردت , بعدك يحرقني وقربك يربكني وأنت كلك ترهقني فهلا رأفت بقلبي ! , أعلم أنها المره الأولى التي ستعرف فيها حقيقة حبي لك , لذا أردت أن تكون في يوم مميز كهذا , ولا أجد عيبًا أن أصارحك بحبي فلقد أصبحت حقي لكني لم أقدر أن أصارحك وجهًا لوجه لكن بعد أشهر قليله ستصبح زوجي وحينها سأفعل ..دُمت لي حبيبًا حتى تنقطع أنفاسي ….ياسمين ”
تجمدت يداه وتصلبت عضلات وجهه وهو يقرأ ما كتبته , تحبه ! ياسمين تحبه ؟ منذُ متى ! لقد ظن أنها وافقت عليهِ لكونه ابن عمها وشخص تثق فيهِ فرأته مناسب لها ولرغبة والدها في هذه الزيجه أي لنفس أسبابه , لكن تقول أنها تحبه ومنذُ زمن !؟
” قُرب ”
ظل جالسًا مكانه لأكثر من نصف ساعه وهو يحاول استيعاب ما عرفه للتو , وبعدما وجد نفسه في دوامه لا يستطع الخروج منها التقط هاتفه وطلب رقم ” رندا ” علَّها ترحمه من حيرته ..
– بتكلمني مرتين في يوم واحد ! غريبه عندك وقت فراغ ولا إيه !؟
قالتها ” رندا ” ما إن أجابت على اتصاله , زفر هو بضيق وقال بجديه :
– رندا عاوزك في موضوع مهم .
استغربت نبرته الجاده فليست عادته أن يكون جادًا هكذا خصوصًا معها :
– في ايه يا صالح ؟
صمت لثانيه يمسح وجهه بكف يده الحُر بضيق ثم بدأ بسرد ما قرأه في الجواب عليها لم يقوله لها نصًا فقط اكتفي بإخبارها بنبذه مختصره عن محتواه :
– مكنتش متخيل أنها بتحبني , أنا كنت فاكرها وافقت على الخطوبه عشان شافتني مناسب وابن عمها يعني أضمن ليها , شخص تعرفه وتعرف طباعه وهيحافظ عليها خصوصًا أنها عمرها ما اختلطت بالناس ..
قاطعته ” رندا ” بنبره معاتبه :
– وأنت حافظت عليها , طلعت قد ثقتها فيك ؟!
احتدت نبرته وهو يردف بغضب طفيف :
– بقولك أنا كنت فاكر أنها وافقت عشان كده , لكن طلعت وافقت عشان بتحبني , ثم إني محافظتش عليها ازاي يعني !؟
– لما تكون بتخونها أنت كده حافظت عليها ؟
رد باستنكار شديد :
– أيه العبط ده ! بخونها أيه أنتِ كبرتي الموضوع اوي هو أنتِ شيفاني كل يوم مع واحده في البيت !
ردت ” رندا ” بعصبيه من إنكاره لِمَ يفعله :
– مش لازم تكون مع واحده في علاقه بمعناها الحرفي عشان تبقي بتخونها , أنك تكلم واحده وتقابلها وتديها كلام ومشاعر من حقها هي يبقى كده بتخونها .
أصدر صوتًا معترضًا من حنجرته قبل أن يقول بعصبيه مماثله :
– لو هتفضلي تقطمي فيا يبقى تقفلي أحسن .
هدأت من نفسها قليلاً لكن لم تخلو نبرتها من الضيق وهي تقول بتهكم :
– هو أنت مش عاوز حد يقولك أنت غلطان ! , عمومًا ماشي هسكت , قولي أنت بتكلمني ليه دلوقتِ ؟
هدأت أنفاسه الغاضبه وقال بحيره تتمكن منه بشده :
– مش عارف , أنا من وقت ما قرأت رسالتها وأنا محتار , حسيت أني اتلغبط , الأول كنت بقول مبحبهاش وهي مبتحبنيش وعلاقتنا ببعض هتبقي مجرد زوج و زوجه هتتبني على العشره والاحترام بينا مش أكتر , لكن دلوقتِ الوضع اختلف هي بتحبني وأكيد هتبقى منتظره مني أبادلها مشاعرها و اهتمامها وحبها وأنا مش هقدر أعمل ده .
تسائلت ” رندا ” بحيره :
– أنت قصدك أن ضميرك هيأنبك عشان مش عارف تبادلها حبها ولا عشان ممكن تحصل مشاكل بسبب عدم مبادلتك لمشاعرها وقلة إهتمامك بيها .
– الاتنين .
– وأنت حاسس أنك عاوز تعمل ايه دلوقتِ , هتسيبها ؟
قطب حاجبيهِ بضيق مفكرًا في سؤالها , يتركها هل يرغب فعلاً في تركها ؟! , هو نفسه لا يعلم الإجابه فكيف سيجيبها !
– مش عارف يارندا .
قالها بعدما زفر بضيق فهو حقًا لا يعلم ..
– صالح سيب الأمور تمشي زي ما هي ماشيه بس ياريت لو تحاول تقرب منها شويه مش هقولك أتعامل معاها زي ما هي بتتعامل معاك بس اتعامل معها زي أي واحد وخطيبته على الأقل , يمكن وقتها تعرف أنت عاوز ايه تكمل ولا تبعد …
رد بحيره :
– تفتكري الحيره دي هتنتهي لما أقرب منها ؟
ابتسمت الأخيره بخبث وهي تقول :
– آه طبعًا , هتعرف إذا كان هتحصل بينكوا مشاكل ولا لأ وإذا كنت هتعرف تكمل ولا البعد أحسن ليك .
أقتنع بحديثها بالفعل ورأى أنه الحل الأمثل لإتخاذ القرار الصحيح فإن حدثت بينهما مشاكل خلال الفتره المقبله بسبب عدم مبادلته لها مشاعرها بعد معرفته بحبها له سيقرر الإنفصال عنها في هدوء قبل أن يصلوا للزواج وإن سارت الأمور على مايرام ستستمر علاقتهما وسيكون مطمئن ..
– ماشي يا راندا أما أشوف , يلا سلام .
أغلقت معه الهاتف لتتنهد بضيق قبل أن تقول بتمني :
– ياريت تقرب منها فعلاً يا صالح وتحس بيها وبحبها ليك وتبادلها مشاعرها بدل ما تكسر قلبها وكسرت القلب دي أصعب حاجه ..
صمتت لثانيه ونبرتها تتحول للحزن وهي تكمل :
– محدش يعرفها قدي عشان جربتها …
أنهت حديثها وهي تُخرج صورة أحدهم وتفتحها على هاتفها لتنظر له بحنين وهي تغمغم :
– ياريتك تحس بيا يا علي ..
فكان ” علي الزيني ” هو حبيبها المستتر والذي ترفض الزواج من أجله , قلبها الأحمق ينتظره ويأمل أن يشعر بها يومًا وعقلها ينهرها بأنه لن يفعل فهي أمامه منذُ سنوات ولم يفكر في التقرب لها حتى أسيفعل لاحقًا !؟
—————
فتحت باب الشقه حين رن الجرس وهي تتوقع أنه ” إسلام ” فقد نزل لجامعته منذُ ساعات , قطبت حاجبيها باستغراب وهي تردد :
– صالح !
ابتسم بتوتر وهو يقول :
– مش هتدخليني ولا إيه ؟
أومأت بهدوء وهي تفسح له الطريق فدلف وتبعته هي للداخل , وعقلها يتسائل عن سبب قدومه ..
جلس فوق أحد المقاعد وجلست هي أمامه على المقعد الآخر بصمت تنتظر حديثه وهذه ليست عادتها , نظر لها بهدوء ثم قال مبتسمًا :
– شكرًا على الهدايا عجبوني .
على ذِكر الهديه تصلبت عضلات وجهها وهي تتذكر الجواب الذي تركته له في الحقيبه ولم تلحق أن تأخذه حين نادت عليها زوجة عمها , فضربت الحمره وجهها وهي تقف بتوتر وخجل وتقول محاوله الهرب من أمامه :
– هعملك شاي .
– لسه شارب فوق اقعدي .
قالها بضحكه خافته وهو يتفهم محاولتها للهرب منه وخجلها الذي ظهر بوضوح , جلست مرغمه وهي تفرك كفيها بتوتر لا تريده أن يفتح معها حديث حول ماكتبته في الجواب فستموت خجلاً وقتها هي نفسها لا تصدق ما كتبته وبعثت بهِ له أيضًا !!
أراد إخراجها من خجلها والتطرأ لموضوع آخر فقال متسائلاً :
– اومال إسلام وعمي فين ؟
نظرت له باستغراب ما بهِ اليوم يفتح معها الحديث ويأتي لها بمفرده دون إلحاح منها والأمس هاتفها هو لأول مره , إن قالت أن تغيره اليوم بسبب ما عرفه عن مشاعرها تجاهه إذًا ماذا عن الأمس ؟!
– ياسمين أنتِ سمعاني ؟
قالها بتنبيه حين لم تجيبه فقط تنظر له بصمت , انتبهت لحديثه فتنحنحت بخفوت وهي تبعد نظرها عنه وتقول :
– أيوه معاك , إسلام في الجامعه , وبابا راح يصلي العصر في الجامع .
أومئ بهدوء وقال متسائلاً مره أخرى :
– وأنتِ عامله ايه ؟
هذه المره لم تستطع منع سؤالها فنظرت له وهي تسأله باستغراب :
– صالح أنت عاوز تقول حاجه وبتمهدلها ؟
رد باستغراب :
– لأ , ليه بتقولي كده ؟
رفعت منكبيها بحيره وهي تقول :
– مش عارفه بس دي أول مره تيجي من غير ما أقولك وكمان عمال بتسأل على حاجات مش بالعاده أنك بتسأل عنها أصلاً .
تفهم حديثها فابتسم بهدوء وهو يجيبها بكذب :
– كل الحكايه أن الفتره الي فاتت كنت مشغول شويه عشان كده تلاقيني معظم الوقت كنت بعيد .
رفعت حاجبها باستنكار وهي تردد :
– 5 شهور مش فاضي فيهم !
توتر قليلاً لكنه رد بثبات ظاهري :
– آه , المصنع شغله كان كتير الفتره الي فاتت بس خلاص خف الحمد لله .
ردت بتصديق لحديثه :
– الحمد لله ..تشرب ايه بقى ؟
كاد يجيبها لكن أوقفه رنين هاتفه فأخرجه ليجد المتصله ” مُنى ” فكتم صوته ووضعه في جيبه ثانيةً تحت نظرات ” ياسمين ” ثم نظر لها وهو ينهض وقال :
– همشي أنا عشان عندي مشوار وكمان محدش هنا , بس اعملي حسابك هنتغدى بكره برا .
أنهى حديثه وذهب من أمامها بهدوء كأنه لم يفعل شئ , أما عن تلك المسكينه فكان قلبها يتراقص فرحًا وعيناها متسعه بعدم تصديق أطلب منها صالح الخروج سويًا رغبةً منه وليس مجبرًا ! بل ويتحدث لها ويبتسم أيضًا ! ابتسمت باتساع وهي تستنشق رائحة عطره التي أخلفها وراءه ووجدت نفسها تدندن بسعاده وهي تتجه للمطبخ لتكملة طهي الطعام ..
ياعينى طيبى لقيت حبيبى وكان نصيبى أقابله بكره
أقول له أهلا ويقول لى سهلا
ويفوت نهارنا من غير ماندرى
ولما أفوته أقول له بكره
هاقابله اقابله بكرة
يا قلبى جالك نديم خيالك واللى جرالك عمره مايجرى
أحفظ معاده وصون وداده وافرح معاه فى العمر مره
مادام ياقلبى هتشوفه بكره وتقابله … وتقابله بكره
فضلت وحدى أستنى بكره … تاخذنى فكرة .. وتجبنى فكره
ولما قال لى هأفضل تملى لو فات نهارى أشوفه بكره..
تنهدت بقلة حيله وهي تقول :
– هتعمل أيه تاني فيا يا صالح , كلمه منك تطلعني لسابع سما وكلمه تانيه تنزلني لسابع أرض ..
—— ناهد خالد ——-
– اتأخرت ليه يا صالح ؟
قالتها ” مُنى ” بضيق حين وصل صالح أمامها فقال لها مبتسمًا :
– زحمة الطريق يا مُنمن معلش , يلا يدوب نلحق نتغدى عشان نلحق ميعاد السينما , مش كنا حجزنا حفلة 9 أحسن !
– عشان عيد الميلاد أنت نسيت !؟
ضرب بكفه على جبهته وهو يقول :
– آه افتكرت طب يالا بقى يدوب نلحق .
علقت ذراعها في ذراعه وهي تقول مبتسمه :
– يلا يا حبيبي .
———
وقفت أمام المرآه تتأكد من مظهرها للمره المئه كعادتها حين تخرج معه , عدلت كنزتها البيضاء ورتبت خصلات شعرها مره أخيره ثم اتجهت لحذائها ذو الكعب العالي وارتدته لتكتمل أناقتها وجلبت حقيبتها متجهه للخارج …
– اتأخرت عليك ؟
قالتها بابتسامه سعيده حين وجدته ينتظرها أمام الباب وليس في السياره ككل مره , التفت لها مبتسمًا بهدوء وقال :
– لأ عادي , يلا ؟
– يلا .
في السياره …
قطعا نصف الطريق تقريبًا ولم يتحدث أحد منهما رُبما ليس لديهم ما يقولوه ورُبما لأنهم ليسوا معتادين على الحديث سويًا …
مدَ ” صالح ” يده ليشغل المسجل كي يكسر الصمت السائد فانطلقت موسيقى أحد الأغاني الثنائيه التي يغنيها مغني ومغنيه وهي أغنية ” من أول دقيقه ” ..ظلت الأغنيه مستمره لدقيقتان تقريبًا ولم تشعر ” ياسمين ” إلا وهي تردد معهما بصوت خافت لكن وصل لمسامعه جيدًا فأغلق المسجل فجأه …
نظرت له باستغراب فقال مبتسمًا وهو مازال ينظر أمامه :
– صوتك حلو , وحابب اكتشفه , غني أنتِ .
ردت بخجل :
– لأ مش هعرف .
قال لها بتشجيع :
– هتعرفي وأنا هساعدك يلا .
صمت قليلاً ثم بدأ الدندنه بصوت منخفض لعدم إجادته الغناء :
بغير من عيني وأنا شايفك وده اللي وصلت ليه
لو اسمع اسمي بشفايفـك بقولك كرريه
وعمري ما هقدر اوصفلك بحبك قد ايه .
صمت منتظرًا أن تبدأ بجزئها لكنها لم تفعل فنظر لها بطرف عيناه وهو يقول :
– يلا متبقيش رخمه .
ابتسمت بخفوت وبدأت في الغناء بصوت مرتفع عنه قليلاً لإجادتها الغناء :
إرسمني في ليلك نجمة ضيها يلمع في العين
اكتبني في عمرك كلمة يحكوها الناس بعدين
انا نفسي أعيش فوق عمري يا حبيبي معاك عمرين .
ابتسم بإنبهار من صوتها الناعم الجميل في الغناء وبدأ في الدندنه بخفوت :
لو تطلبي مني عينيا … لو تطلبي عمري كمان
ها ديكي سنيني الجية وها أكون راضي وفرحان
انتِ اللي وجودك جنبي حسسنني ان انا انسان
كانت تستمع له بأعين لامعه تتمنى لو كلماته هذه تنبع من داخله وليست مجرد أغنيه يرددها , نظر لها حين طال صمتها فأشاحت بعيناها بعيدًا وأخذت تردد بكلمات تنبع من قلبها :
– ده من اول دقيقة لحبك قلبي مال
عرفت بميت طريقة أغير حال بحال
بتوه بين الحقيقة يا عمري والخيال
أنا عايـــزاك تفضل جنبي سندي وفارس أحلامي
قلبي في قربك مطمئن خليك دايما ادامي
ده انا قبل ما بنطق كلمة بـ تكمل ليا كلامي .
أنهت غنائها وهي تقول بمرح :
– كفايه بقى تلوث سمعي .
رد بصدق مبتسمًا :
– صوتك حلو أوي ودافي كده .
ابتسمت بخجل مشيحه رأسها للناحيه الأخرى وهي تهمس :
– شكرًا .
_______
كان جالسًا معها في المطعم حين رن هاتفه وكانت المتصله ” مُنى ” فنظر ل ” ياسمين ” وهو يقول :
– هرد على المكالمه وأرجعلك .
أومأت له بموافقه , فقام مبتعدًا قليلاً وحين فتح المكالمه قال :
– ايه يا حبيبي ده لسه ساعتين على ميعاد تحركنا ؟
أتاه صوتها الحزين وهي تقول :
– سوري يا صالح مش هينفع نسافر بابي عاوزني أسافر معاه دبي ومصمم وهنسافر بكره .
قطب حاجبيهِ باستغراب وتسائل :
– هترجعوا امتى ؟
– بعد أسبوعين .
———
وقد مرَّ الأسبوعان بسلام وابتعاد مُنى كان فرصه جيده جدًا لتقرب صالح من ياسمين أكثر فأصبح ليس لديه غيرها تعددت خروجتهما وأحاديثهما وقد لاحظت ياسمين التغير الشاسع في شخصية صالح وكما كان هذا يسعدها ورأت أن جميع عقبات علاقتهما قد أُزيلت …
– وحسيت بإيه بقى لما قربت ؟
تسائلت بها ” رندا ” وهي تتحدث مع صالح عبر الهاتف فقال بتنهيده :
– حاسس أني أول مره أتعرف عليها , اكتشفت حاجات كتير مكنتش شايفها فيها …
شرد يتذكرها وهو يتحدث فلم يشعر بما يقوله وكأنه نسى أنه يتحدث مع رندا عبر الهاتف ..
– اكتشفت أن عنيها لونها حلو أوي , وبتتكسف بسرعه وبيبقي شكلها حلو اوي وهي مكسوفه وبتحاول تهرب في اي حاجه , بتهتم بكل تفاصيلي ولما بتكلم بحس أنها بتسمعني بكل جوارحها مش ودنها بس , بحس بخوفها وقلقها عليا وأنها دايمًا عاوزالي الأفضل , الأول مكنتش بحب اسمعها بس دلوقتي لما ركزت في كلامها بقيت مش عاوزها تسكت , كلامها حلو وطريقتها في التعبير تشدك لكلامها حتى لو أنتِ رفضاه , بتفرح بأقل حاجه وبتزعل برضو من أقل حاجه بس مبتبينش .. ومحستش منها أنها متضايقه أني مجبتش سيره عن الجواب بالعكس مش فارق معاها الموضوع وراضيه بمعاملتي معاها ومبسوطه بيها رغم أن ده الطبيعي مبعملش حاجه زياده عن المفروض يتعمل بس يمكن عشان طريقتي معاها قبل كده ..
خرجت ” رندا ” عن صمتها بعدما أنهي حديثه وابتسمت بخبث وهي تسأله :
– وأيه كمان ؟
انتبه لصوتها فاتسعت عيناه ذهولاً كيف استرسل في الحديث هكذا ناسيًا إياها !, حمحم بارتباك وهو يقول :
– بس فمحصلش مشاكل يعني …
رأي هاتفه يرن على الجهه الأخرى فقال ل رندا :
– هقفل معاكِ عشان مُنى بترن شكلها وصلت مصر وكنا متفقين نتقابل أول ما توصل .
اتسع فاه رندا وهي تردد بدهشه :
– مُنى !
استمعت لصوت إغلاق المكالمه فضربت كفًا بالآخر وهي تقول :
– بعد كل الي قاله فكرته هيقولي أنا بحبها يقوم يقولي مُنى !!
الفصل الرابع …. ” فتاه أخرى !! ”
قلب مُصاب بالحب ” ناهد خالد ”
تأفأف بملل من الإنتظار بذلك المقهى المُتفق عليه للمقابله فيهِ , مرَّ على ميعادهما نصف ساعه كامله ولم تحضر بعد , وهو لم يعتاد الإنتظار مطلقًا , فتح هاتفه وطلب رقمها بجبين مقطب وملامح منزعجه حتى أتاه الرد فهتف فورًا باهتياج :
-نص ساعه يا مُنى ! أنتِ فين ؟
ردت عليهِ بضيق :
-أنا آسفه يا صالح , بس اتخانقت مع بابا ورفض نزولي .
ارتفع جانب شفتيهِ باستنكار مطلق وهو يردد بسخريه :
-أبوكِ ! , هو ماله خد باله منك فجأه كده ما أنتِ بقالك شهر ونص معايا عمرك ما اعتذرتِ عن مقابله عشان أبوكِ .
-ماهو كان مسافر يا صالح ورجع .
غمغم بصوت لم يصل لها :
-قال يعني رجع من العمره !
رفع صوته وهو يقول بجديه بعدما توصل لقراره الأخير والذي يفكر فيهِ منذُ سفرها :
-بقولك يا مُنى , أنا بقول يعني كفايه كده .
أتاه سؤالها المستفسر وهي تقول :
-كفايه ايه ؟
-كفايه في علاقتنا , يعني كل واحد يشوف طريقه أحسن .
صيحه مستنكره ومصدومه في آنٍ واحد تبعها صوتها المرتفع وهي تقول :
-أنت اتجننت يا صالح , أنت بتنهي علاقتنا بالسهوله دي !
رد ساخرًا :
-لا مليش حق , أنهي عشر سنين في لحظه كده ! , مالك يا مُنى متأفوريش أنا لسه عارفك الشهر الي فات .
أتاه ردها بنبرة شجن وهي تقول :
-أيوه بس كانوا كفايه أتعلق بيك .
-بالضبط اتعلقتِ بيا يعني لا حب ولا نيله , متقلقيش التعلق ده مش هياخد معاكِ أسبوع وهتكونِ نسيتِ أنك عرفتِ حد أسمه صالح أصلاً .
هدأت نبرتها فجأه وهي تسأله بحذر :
-ده آخر كلام عندك ؟
رد سريعًا دون تفكير :
-I wish the best for you . ” أتمنى لكِ الأفضل ”
أنهت حديثها بهدوء مُصطنع :
-مش هقولك غير إنك **** و *** .
أنهت كلمتها وأغلقت المكالمه ليستمع هو لصفير إنهاءها فأشتعلت عيناه غضبًا وهو يردد :
-بقى بتشتمني بنت ال … , أنا الي غلطان أديتها وقت أكتر من غيرها .
ألقى هاتفه على الطاوله وهو يشعر بأن مزاجه قد عُكر , ألتفت حوله ليرى النادل كي يطلب فنجان قهوه أخر عله يغير مزاجه ولكن بدلاً عن أن يجده وجد شئ آخر لفت انتباه ..بالتحديد شخص آخر , وأكثر تحديدًا فتاه تجلس على طاوله بمفردها تتناول عصير البرتقال وهي تطلع للمياه التي يطل عليها المقهى ..ابتسم بخبث كالصياد الذي وجد فريصته وقام متجهًا ناحيتها بعدما لملم أشياءه سار بخطى واثقه حتى وصل أمام طاولتها بابتسامته الجذابه وقال :
-تسمحيلي أقطع خلوتك ؟
رفعت أنظارها لتجد شابًا وسيمًا بشكل مُلفت ..شكل لا يمكن التغاضي عنه , ابتسمت له وهي تقول :
-طبعًا , اتفضل .
جلس محافظًا على نفس الإبتسامه وهو يقول :
-كنت قاعد لوحدي وعيني وقعت عليكِ لاقيتك أنتِ كمان قاعده لوحدك وحسيتك متضايقه , فمحسيتش بنفسي غير وأنا جاي ناحيتك .
ابتسمت بلطف وهي تقول :
-كنت زهقانه وحتى كنت بفكر أقوم أمشي , أصل مش متعوده أقعد لوحدي .
-وليه قاعده لوحدك ؟
-صحابي في الجونه بيحضروا weeding party هناك .
تسائل بفضول :
-وليه أنتِ مش معاهم ؟
-عندي شغل مهم ومقدرش أسافر .
-وياترى بتشتغلي ايه ؟
ردت بابتسامه :
-Weeding planner ” مصممة حفلات زفاف ” .
رفع حاجبيهِ مندهشًا وهو يردد :
-Wow واضح أنك شاطره .
ضحكت بخفه وهي تسأله :
-تحب تشوف شغلي ؟
رد بترحاب :
-طبعًا ياريت , بس قبلاً أعرف أسمك !
ابتسمت بحرج وهي تمد يدها له :
-آه , sorry نسيت أعرفك بنفسي , ديانا محفوظ .
التقطت كفها بترحاب وهو يعرف عن نفسه :
-صالح الزيني .
“صالح الزيني ” الذي ترك فتاه وبعد ثانيتان ارتبط بفتاه أخرى !!
………………….
استمعت لصوت صرير عجلات سيارته بالخارج لتدرك أنه قد عاد , ركضت للمطبخ لتجلب الطبق الذي احتفظت بهِ من أجله وعادت سريعًا تفتح باب شقتها لتستقبله وقد كان بالفعل قد صعد الدرجات القليله التي تسبق باب شقتها ..
أنتبه لفتح الباب وأبصرها واقفه بابتسامتها التي تزيد من دقات قلبه دون مجهود , وتلقائي ابتسم لها وأسرع في صعود الدرجتان الفاصلتان بينهما حتى أصبح أمامها فقال وهو ينظر لساعته :
-الساعه تسعه , تسعه و3 دقايق كنتِ هتلاقي تليفونك بيرن برقمي .
ضحكت بخفه وهي تقول :
-بتلحق نفسك ها , عشان مكلمتنيش من الصبح .
ابتلع ريقه بتوتر مصطنع وهو يقول :
-هو يعني العمر بعزقه !
أشاحت بوجهها للجانب لتخبئ ضحكتها ثم عادت بنظرها له وتسائلت وهي تضيق عيناها :
-قولي مش شامم ريحة حاجه حلوه ؟
أرجع رأسه للوراء قليلاً يتصنع الإشتمام جيدًا ثم عاد بنظره لها وقال بابتسامه عابثه ونظرات أصابتها بالإرتباك :
-شامم ريحة ياسمين تهبل .
تخضبت وجنتيها بحمرة الخجل وهي تخفض وجهها لأسفل :
-صالح وبعدين بقى , أنا لسه متعودتش على طريقتك دي وبتكسفني .
ابتسم بمشاعر صادقه تغزوه تجاهها وقال راحمًا خجلها :
-هتتعودي متقلقيش , طب قوليلي ريحة ايه ؟
رفعت نظرها له بملامح منزعجه وسألته :
-أنت بجد مش شامم خالص ؟
قطب حاجبيهِ وهو يشتم جيدًا حتى ابتسم باتساع وهو يقول :
-طب طلعي طبق المكرونه بالبشاميل الي ريحتها تجنن دي من ورا ضهرك .
ضحكت بسعاده وهي تُظهر له الطبق الذي نظر له وهو يقول :
-يخرابي على الجمال , هو في كده !
سألته بابتسامه عابثه :
-عجبتك ؟
نظر لها وهو يقول :
-هي مين ؟
نظرت له باستغراب وقالت :
-المكرونه
-مكرونة ايه أنا بتكلم على الإيد الناعمه الي بتلمع دي .
شهقت بتفاجئ وخجل من حديثه لتصدم الطبق بصدره وهي تردد :
-امسك يا صالح واطلع يلا أنا الي غلطانه أنا واقفه معاك .
التقطه منها وضحكاته تجلجل بشده على مظهر وجهها وحديثها حتى أنه لم يستطع أن ينطق .
جذبت الباب لتغلقه لكنها فتحته مره أخرى وهي تنظر له مغمغه :
-وقح .
وأغلقته في وجهه , لتزيد ضحكاته وهو يتجه للأعلى ليصطدم فجأه بجسد قصير لحد ما , توقف ينظر لمن اصطدم بهِ ليجدها ” رندا ” تنظر لضحكاته والطبق الذي بين يده برفعة حاجب ونظره ماكره .
-رندا بتعملي ايه هنا ؟
تساءل بها بعدما تحكم في ضحكاته , فردت ” رندا ” بهدوء :
-جيت اشوف طنط جيجي بقالي كتير مشوفتهاش .
نظر لها بغموض وهو يقول :
-كويس , هتروحي ؟
-ايوه ..
نظرت للطبق ثم سألته بخبث :
-أنت جاي منين بالمكرونه دي ؟
نظر للطبق بتوتر طفيف فهو يعلم جيدًا مغزى سؤالها , وقبل أن يجيب استمع لها تكمل :
-وضحكتك كانت جايبه لفوق , خير إن شاء الله ؟!
رفع نظره لها وزفر بضيق وهو يرى نظراتها وقال:
-روحي يا رندا , وأنا هطلع ألحق المكرونه لأحسن تبرد .
ضحكت بشده وهي تنظر لتزمره وكادت تجيب لكنها استمعت لصوت آخر يقول :
-السلام عليكم .
ارتفع وجيب قلبها وتسارعت نبضاته وهي تستمع لصوته , لقد جاءت من الأساس وهي تتمنى رؤيته لكن أُحبطت حين وجدته بالخارج وها هي الآن تستمع لصوته الذي لا يفشل قلبها في التعرف عليهِ .
ابتسم ” صالح ” بهدوء وهو ينظر لتصنمها ثم نقل بصره لأخيهِ وهو يقول :
-وعليكم السلام , حمد الله على السلامه يا علي .
رد ” علي ” بهدوء :
-الله يسلمك , ازيك يا رندا ؟
حسنًا عليها الإلتفات والإجابه أيضًا , سحبت نفس عميق قبل أن تستدير له بهدوء وابتسمت ما إن وقعت عيناها عليهِ وقالت :
-الحمد لله , ازيك أنت يا علي ؟
رد بهدوء كعادته :
-الحمد لله .
تنحنحت بتوتر حاولت مدراته وهي تقول :
-طيب عن إذنكوا .
وانسحبت بهدوء وهي تشعر بأن قلبها قد ارتاح واستكان أخيرًا بتلك اللحظات التي رأته فيها .
نظر له ” صالح ” ليجده ينظر لمكان خروجها فأصدر صفيرًا من فمه ينبهه حتى التفت له فقال بعبث :
-ما يلا يا عيلوه ولا هنقضي الليله على السلم !
اقترب منه واضعًا يده على كتفه وهو يصعد معه :
-يلا ياخويا بالطبق الي في أيدك ده , أنت بتشحت من ورايا ياض ؟
نظر له بجانب عيناه وهو يقول بهيام :
-أشحت ! طب ياريت الشحته كلها كده وأنا أشحت كل يوم .
-طب ماتجيب حته .
رد رافضًا :
-لا يا حبيبي ده مخصوص ليا , متقلقش هتلاقيها طلعت لأمك طبق ما أنت عارفهم كل يوم طباق نازله طالعه بينهم .
ضحك ” علي ” وهو يفتح باب الشقه ويقول :
-يبقي ألحق أدخل اقتحم المطبخ .
…………….
جلب طبق المعكرونه الآخر وجلس بجوار صالح في منتصف الصاله مستغلين غياب والدهم و دلوف والدتهم للصلاه .
-امممم , البت ياسمين بتعمل شوية مكرونه أجدع من بتاعت أمك .
نظر له صالح بضيق ولم يعلق , فوجه ” علي ” بصره له وهو يقول :
-مبتردش ليه ؟
رد باقتضاب :
-هرد أقول ايه ؟!
أومئ برأسه قبل أن يعاود الأكل , ومرت ثوانِ قبل أن يقول ” علي ” مُتسائلاً :
-طمني , بقيت عارف تتعامل مع ياسمين ؟ اتقبلتها ؟
نظر له بتفاجئ لسؤاله , ليبتسم ” علي ” بهدوء وهو يقول :
-أنا فاهم كل حاجه من أولها , وعارف أنك مكنتش متقبل وجود ياسمين في حياتك , كمان مكنتش عارف تتجاوز حبك ل رندا .
-حبي ل رندا !!!؟
أومئ بتأكيد وهو يُكمل موضحًا :
-أنا سمعت كلامك معاها بالصدفه قبل خطوبتك لياسمين .
وضع ” صالح ” الطبق الخاص بهِ على الطاوله والتف ل “علي ” باهتمام وهو يسأله :
-كلام أيه يا علي ؟
رجع علي بذاكرته للوراء وهو يتذكر تلك الليله التي استمع لها لحديث ” صالح ” مع رندا وهو يقول :
-عارفه يارندا , أنا بتمنى بجد أن عيالنا يكونوا قريبين لبعض وميبقاش بينهم أي مشاعر سلبيه , عارفه أنا مش مصدق أني في يوم هشوفك لابسه فستان أبيض ونقعد بقى في حوارات الفرح المزعجه دي , بس خدي بالك بدلتي أنتِ الي هتختاريها أنا بقولك من دلوقتِ أهو , واجي أنا بقى أخدك من الكوفيرا على القاعه و……
كان هذا آخر ما سمعه قبل أن يقرر الذهاب بعيدًا وقلبه ينزف ألمًا بعدم أدرك أن علاقة أخيهِ بها ليست صداقه كما يدعون , وأنه قد خسر حبــًا لم يقدر له الإعلان عن نفسهِ بالظهور حتى …
قلب مُصاب بالحب …الفصل الخامس ” أخيرًا قالها ”
– فأنت فهمت إني بحب رندا !
أجابه ” علي ” بهدوء ظاهري :
– ايوه , ما الكلام كان واضح .
ضحك ” صالح ” بشده قبل أن يقول :
– كلام ايه ياعم أنت مسمعتش باقي كلامي .
” فلاش باك ”
– أنا بجد نفسي لما نتجوز إن شاء الله مراتك تبقى صاحبتي وجوزي يبقى صاحبك حتى ولادنا يبقوا صحاب وأكتر من الإخوات .
أجابها ” صالح ” بتمني :
– عارفه يارندا , أنا بتمنى بجد أن عيالنا يكونوا قريبين لبعض وميبقاش بينهم أي مشاعر سلبيه , عارفه أنا مش مصدق أني في يوم هشوفك لابسه فستان أبيض ونقعد بقى في حوارات الفرح المزعجه دي , بس خدي بالك بدلتي أنتِ الي هتختاريها أنا بقولك من دلوقتِ أهو , واجي أنا بقى أخدك من الكوفيرا على القاعه و أسلمك لعريسك بإيديا وأقوله خد بالك البضاعه لا ترد ولو جيت في يوم تشتكيلي منها ولا أعرفها أنت اخترتها بكامل قواك العقليه شيل بقى يابرنس .
شهقت ” رندا ” بغضب وهي تقول :
– صدق أنت رخم , غور يا صالح .
هكذا فقط وأغلقت المكالمه معه لينخرط بعدها في نوبة ضحك عليها ..
” باك ”
– بس دي الحكايه وتقولي بتحبها !
نظر له ” علي ” بدهشه ثم قال :
– يعني أنت مش كنت رافض ياسمين عشان رندا ؟
رد ” صالح ” بتوضيح :
– أولاً أنا مرفضتش ياسمين أنا بس مكنتش لسه متقبلها , ثانيًا حتى لو كنت رفضتها رندا ملهاش علاقه بالموضوع , رندا صاحبتي حتى هي الي حسنت علاقتي بياسمين .
اتسعت ضحكته ببلاهه وهو يسأله ثانيةً :
– يعني رندا مفيش حد في حياتها ؟
ابتسم له ” صالح ” بخبث ورد :
– لا في , بس أنت بتسأل ليه ؟
اندثرت ابتسامته وهو يردد بصدمه :
– في ! مين ؟
نظر له ” صالح ” باستغراب مصطنع وهو يقول :
– هو أنا قلت فيه ؟ أنا قصدي مفيش .
– صالح .
رددها ” علي ” بغضب حين شعر بتلاعبه معه فابتسم الأخير بهدوء وقال بتأكيد :
– وحياة صالح قصدي مفيش .
هتف ” علي” بعصبيه مكتومه :
– ياخي يتك الأرف في…
– هااا؟
قالها ” صالح ” مُحذرًا كأنه يذكره بأنه سيحتاجه في الفتره المقبله فخمدت ثورته وأكمل بضيق :
– في حلاوتك .
وضع ” صالح ” قدمًا فوق الأخرى وهو يسأله :
– ها هتتقدملها امتى ؟
توترت ملامح الأخير وهو يسأله بعدم فهم مصطنع :
– أتقدم لمين ؟
زفر ” صالح ” بضيق وهو يقترب بجسده منهِ بعدم أنزل قدمه وقال بلهجه محتدمه :
– أخلص يابا مفيش وقت للإستعباط البت داخله على ال 28 وأنت كسرت ال 30 , هتتقدملها لم تطلعوا معاش !
رد بنبره ضائقه :
– متنساش أنك بتكلم أخوك الكبير .
أشاح الأخير بيده وهو يردد بخفوت وصل لمسامع الأخير:
– كبير الخيبه !.
– ولما أقوم ألطشلك !
قالها ” علي ” بتحذير , فتراجع ” صالح ” في حديثه وهو ينهض قائلاً :
– خلاص يا كبير براحتك بقى .
أنهى جملته وهو يأخذ طبقه مره أخرى متجهًا للداخل فتوقف على مناداة أخيهِ بإسمه فابتسم بخبث قبل أن يلتف له متسائلاً ببراءه :
– في حاجه يا علوه ؟
زجره ” علي ” بضيق قبل أن يقول بنبره متوتره قليلاً :
– طيب كلمها , يعني شوف رأيها ولو موافقه مبدأيًا خد منها ميعاد على آخر الأسبوع .
ابتسم له ” صالح ” باتساع وهو يخرج هاتفه من جيبه ويقول بحماس :
– هو ده الكلام .
طلب رقمها وثوانِ وأتاه الرد فقال ببشاشه :
– فاضيه بكره يا رندا هجيب العيله ونيجي نزورك ….
اتسعت أعين ” علي ” بصدمه وفغر فاهه وهو يستمع لحديث أخيه الذي أكمل :
– يا ستي هقولك ليه بعدين , فاضيه ولا لأ ؟
صمت قليلاً ثم قال :
– حلو اوي انتظرينا بكره الساعه 8 إن شاء الله .
استمع للطرف الآخر ثم قال :
– جايين ليه ؟ أبدًا يا ستي علي أخويا جاي يتقدملك …رندا , بت , رنداااااااا.
أغلق المكالمه ونظر ل علي المصدوم أمامه وقال وهو يرفع منكبيهِ :
– شكل الخط قطع .
صرخ بخضه حين اصتدمت الوساده بوجهه و ” علي ” يركض وراءه وهو يردد بنبره صارخه :
– ياخي ينعل أبو سمجتك .
أغلق باب غرفته سريعًا وهو يضحك بشده على هياج الآخر في الخارج .
—————
الثامنه مساءً بتوقيت القاهره , الثامنون بتوقيت قلبها المنتظر , جابت الطرقه لأكثر من مئة مره تحاول تهدأة توترها وتحاول أيضًا الإستيعاب هي أساسًا منذُ أمس وهي تحاول إستيعاب ما أخبرها بهِ صالح دفعه واحده , أسيتقدم لها ” علي ” ؟ أشعر بها أم أنها خيار مُرشح له ؟ أسئله كثيره تجوب عقلها ولا تجد لها إجابات مقنعه وليس أمامها حلاً سوى الإنتظار , انتفضت على صوت جرس الباب معلنًا قدوم المنتظر فر كضت للمرآه تتأكد من طلتها الأخيره ومن ثم اتجهت للباب لتفتحه بابتسامه خجله لتجد ” جيهان و محمود وصالح و أخيرًا وأهمهم علي ” , دعتهم للدخول بترحاب شديد حتى دلفوا بعد السلامات وجلسوا في الصالون بعدما عادت لهم بواجب الضيافه , وظلت أحاديث عاديه تدور في الجلسه حتى بدأ ” محمود ” بالحديث :
– بصي يابنتي احنا جايين النهارده عشان علي ابني طالب إيدك على سنة الله ورسوله .
غزى الإحمرار وجهها وقبل أن تجيب سبقها صالح يقول :
– على فكره بقى يا حاج مكنتش بهزر لما قولتلكوا في البيت أطلبوها مني أنا .
نظر ” محمود ” له باستنكار ثم نظر لها وهو يسألها :
– أنتِ موافقه إن ده يبقى ولي أمرك !
ضحكت بخفوت وهي تنظر لصالح الذي اشتعل وجهه غيظًا وقالت :
– بصراحه يا أُنكل أحنا متفقين على كده من زمان خصوصًا إني مليش حد زي ما حضرتك عارف .
تنهد ” محمود ” باستسلام وقال :
– الي تشوفيه يابنتي .
ثم نظر لولده وهو يقول من بين أسنانه :
– احنا طالبين إيد الآنسه رندا على سنة الله ورسوله , قلت ايه ؟
وضع قدم فوق الأخرى بتكبر وكاد يتحدث حتى هدر فيهِ والده وهو يقول :
– نزل رجلك يا حيوان بدل ما أقوملك والله .
أنزل قدمه بحمحمه متوتره وقال :
– هشوف رأيها وأبلغكوا إن شاء الله .
هذه المره تحدث ” علي ” بتحذير :
– صالح عدي يومك .
نظر لهم بغرابه وهو يقول :
– ايه يا جماعه هي ملهاش رأي يعني !؟
أجابه ” علي ” وهو ينظر لها ويقول :
– ليها طبعًا , بس أعتقد أنها عارفه قرارها مش محتاجه وقت تفكر يا آه يا لأ .
نظر لها ” صالح ” فوجدها مبتسمه بخجل وتتحاشى النظر للجميع فسألها :
– محتاجه وقت يا رندا ولا عارفه قرارك ؟
رفعت نظرها له وهمست على استحياء :
– محتاجه أتكلم مع علي شويه .
ابتسم صالح وهو يدرك ما تريده فيه وقال :
– ها يا بابا نسيبهم يتكلموا شويه ؟
أومئ بتأكيد :
– طبعًا حقهم .
وقفت ” رندا ” بهدوء ودعته للخروج معها للشرفه وبعد مرور عشر دقائق من الحديث الغير مرتب زفرت ” رندا ” بضيق وهي تقول :
– علي أنا مفهمتش منك حاجه , بقالنا عشر دقايق في إجابة سؤال واحد وأنت بتلف وتدور , سؤالي واضح يا علي أنت عاوز تتجوزني ليه ؟
– عشان بحبك .
قالها فجأه جعلت من نبضاتها تتوقف لثواني ثم تعود للدق مره أخرى وهي تطالعه بأنظار مدهوشه وأكمل :
– بحبك من زمان , بس الي بعدني عنك إني كنت فاكر أنك أنتِ و صالح بتحبوا بعض .
– صالح ! ؟
رددتها بدهشه ليومئ لها وبدأ في شرح لها ما جعله يفهم هذا حتى اتسعت عيناها بدهشه وهي تردد بدون وعي منها :
– يخربيت أبوك ..
زجرها بضيق وهو يقول :
– رندا لمي لسانك .
أشاحت بيدها وهي تردد :
– لسان أيه الي ألمه ! طب كنت تعالى أنت ياخويا لمني كلي من خمس سنين مش تضيع خمس سنين عشان سوء تفاهم !! أنت عارف أنا عيشت السنين دي ازاي ولا إحساسي كان أيه وأنا فاهمه أنك مش شايفني أصلاً!
اختنق صوتها في آخر حديثها وتملكتها رغبه في البكاء ليشعر هو بها فقال بآسف :
– برضو متعرفيش شعوري أنا كان ازاي بعترف إني كنت غبي , بس أهو إرادة ربنا , والمهم أني بحبك .
” أخيرًا قالها ، قال أحبك قالها
وأنا قلبي، قلبي، قلبي توقف بعدها
من فديت أنا العيون، قال أحبك وبجنون
ودي أطير ودي أعيش في الدنيا بقربها
واحد أحبه من زمان، وما يحس أحبه كان
وأنا كنت أعاني من زمان أتاني حس بوقتها
أخيرا قالها، قال أحبك قالها
الفرحة يمه لقيتها صعب جدا وصفها
هو قلبي وهو نبضه وأحلى نبضة قلبي يدقها ”
– عاوز أعرف ردك ؟
سألها بتوتر , لتبتسم له بهدوء وخجل وهي تقول :
– موافقه يا علي ..
————-
بعد ساعه …وصل للكافيه المنشود ليجدها جالسه على أحد الطاولات في إنتظاره وقف محله ليخلع دبلته ولا يعلم لِمَ تردد هذه المره في هذه الخطوه فبقت أنظاره مُعلقه بالدبله لثوانِ طويله وإصبعيهِ مترددين في خلعها وشعور بالضيق يجتاحه … كل هذا دام لدقيقه ربما حتى خلعها ووضعها في جيبه وأخذ نفس عميق وهو يتجه لها .
– هاي أميره ديانا .
رفعت أنظارها له تبتسم باتساع وهي تردد :
– في ميعادك بالثانيه .
رد بغرور :
– أنا مفيش أكتر مني التزامًا بالمواعيد .
– يا مغرور .
قالتها بضحكه ليضحك بخفوت ثم يسألها :
– طلبتِ حاجه ؟
– لأ كنت مستنياك نطلب سوا .
أومئ لها بهدوء وهو ينظر في قائمة المشروبات لتنظر له باستغراب وتسأله :
– مالك يا صالح ؟ شكلك مضايق !
نظر لها بصمت لثوانِ ثم أشاح بصره وقال بنبره عاديه :
– لا أبدًا .
للحقيقه يشعر بشئ ثقيل يجثم فوق صدره يكاد يخنقه , لا يشعر براحه في الحديث ولا في الجلسه ولا في أي شئ يحدث الآن .
رن هاتفه ليخرجه من أفكاره لينظر لشاشته فوجدها هي ” ياسمين ” وقف فورًا وهو يقول ل ” ديانا ” :
– مكالمه مهمه هرد وأرجع .
أومأت له بتفهم ليذهب بعيدًا عنها ويجيب وهو يقول بنبره هادئه :
– ياسمينا .
أتاه صوتها القلق يسأله :
– ها يا صالح طمني رندا وافقت ؟
ابتسم بهدوء وهو يجيبها :
– وافقت ياستي , واتفقنا الخطوبه أول الأسبوع الجاي والفرح بعد ست شهور إن شاء الله يعني بعد فرحنا .
توترت على ذِكر زفافهما الباقي عليهِ ثلاثة أشهر فقط وقالت :
– الحمد لله ربنا يتمملهم على خير .
زفر أنفاسه بثِقل وهو ينظر لتلك التي تنتظره وقال :
– يارب .
– صالح أنت كويس ؟
وكالعاده من غيرها يعرفه من صوته ومن زفراته وملامحه دون أن يتحدث حتى …
وجد نفسه يقول دون مقدمات :
– وحشتيني , حاسس أني عاوز أشوفك حالاً وأتكلم معاكِ .
ردت بتوتر ولجلجه من حديثه :
– مش أنت ..مش أنت قولت أن عندك مشوار مهم ؟
أعاد نظره مره أخرى لتلك الجالسه بعيدًا وصمت لثانيه واحده ثم قال بجديه :
– لا مشوار مش مهم , نص ساعه وهكون عندك هرن عليكِ تنزلي نلف بالعربيه شويه , سلام .
أنهى حديثه وأغلق المكالمه وهو ينظر للتي أمامه واتجه لها حتى وصل أمامها فوقف يقول بابتسامه :
– سوري يا ديانا عندي مشوار مهم جدًا .
ابتسمت له بلطف وهي تقول :
– ولا يهمك طالما مشوار مهم .
أومئ لها بتأكيد وهو يلتف للذهاب :
– مهم أوي يلا see you later .
أنهى كلماته وذهب دون الإستماع لرد ليجد نفسه يزفر أنفاسه بأرتياح عجيب وابتسامه تلقائيه ترتسم على شفتيهِ لايعلم لها معنى .
—————
استقلت السياره بجواره ببسمتها الجميله التي تسحره فبادلها الإبتسام وهو يدير سيارته للتحرك وبعد ثانيتان تحركت يده لمسجل السياره ليختار أغنيه من هاتفه , أغنيه ليست مجرد أغنيه تسليهم , لكنها أغنيه مختاره بعنايه تامه بكل حرف فيها قاصدًا إياه …
نخبي ليه . في اسرارنا . وانا وانت مفيش غيرنا
ولو ننسى مشاعرنا . نكلم مين يفكرنا
يا روح الروح . بتنساني وانا فاكر ومش نساي
تغيب عن عيني من تاني . ومن غير حب اعيش ازاي؟
ومهما تغيب . بعيش وياك و اشوفك وردة في الشباك
ودمعة حب فى عينيا بتستناك يا احلى ملاك
قالولى الحب له علامات . فى نبض القلب والهمسات
وروح بتطير تنادى عليك . ورعشة ايدي في السلامات
في عز سكوتنا نتكلم . عيوننا بتحكى وبتحلم
وانا حسيت بانفاسك . تدفي ايديا وتسلم
بقولك اه ومن غير صوت . تحبنى موت واحبك موت
واحساسنا يونسنا . واقوى من الحياة والموت . ومهما تغيب….
قطب حاجبيهِ حين امتدت يدها لإغلاق المسجل لينظر لها باستغراب ..للحقيقه الأغنيه وكلماتها كانت توترها منذُ أن بدأت لذا لم تستطع إكمالها لكن حين نظر لها قالت بتوتر :
– أغنيه سمعتها كتير هشغل أغنيه جديده .
– تمام .
غمغم بها بهدوء لتخرج هاتفها وتقوم بإيصاله بالمسجل والضغط على أغنيه ما ثوانِ وصدحت في أرجاء السياره ..
غلبان اوي غلبان … عايش على اللي كان
فاكرنا زي زمان …. غلبان اوي غلبان
لا ده فاته وفاته رميناه بماضيه وحكاياته
ده فاكر دمعنا هنا على خدنا
ياتهيؤاته
ده فاكرنا هناك قال …قعدينا جنب الشباك قال
وفي عرض رجوعه
فاكر موضوعه وشغلتنا حياته
ليه هنمسك في اللي غايب مش من قلة الحبايب
بابنا مايتسابش موارب احنا بنقفل ع الشاريين….
نظر لها بأعين متسعه من الأغنيه التي أنتقتها يقسم لو كانت تعلم حقيقة ما يفعله لِمَ أحسنت أختيارها هكذا ! , وجدها تردد بصوت عالِ وحماس مع الأغنيه :
ليه هنمسك في اللي غايب مش من قلة الحبايب
بابنا مايتسابش موارب احنا بنقفل ع الشاريين
حوالينا كتير ناس من جوه بجد جميلة
ناس حقيقية وشارية وصافية النية ومتبتين
دول اولى بخيرنا ولا ثانية رضيوا بغيرنا
على حلونا مرنا قاعدين هنا هنا ومربعين
عادت ترفع صوتها مره أخري مع المقطع القادم وهي تنظر له :
ليه هنمسك في اللي غايب مش من قلة الحبايب
بابنا مايتسابش موارب احنا بنقفل ع الشاريين
ليه هنمسك في اللي غايب مش من قلة الحبايب
بابنا مايتسابش موارب احنا بنقفل ع الشاريين
ليه هنمسك في اللي غايب بابنا مايتسابش موارب
بابنا مايتسابش موارب احنا بنقفل على الشاريين .
– بسسس.
صرخ بها وهو يغلق المسجل لتنظر له بذعر وهي تسأله بتوتر :
– في ايه يا صالح .؟
نظر لها بغيظ وهو يقف بالسياره جانبًا وقال :
– في ايه ! دي أغنيه تشغليها مع خطيبك ما تنزلي ترميني تحت أي عربيه أحسن .
شهقت بخضه وهي تردد بدون وعي :
– بعد الشر عليك يا حبيبي .
سعلت بشده بعدما نطقت كلمتها الأخيره لتداري بها ما قالته ولكن هيهات فقد التقطها أذنه بوضوح , فتبخر غيظه وثغره يتسع بابتسامه وهو يراها تنظر للجهه الأخرى تكاد تلتصق في النافذه ضحك بخفوت عليها قبل أن يحتضن كف يدها بكفه لتسير رجفه لذيذه في جسده وهو يقول لها :
– ياسمينا , بُصيلي .
التفت له بوجه محمر وأعين مضطربه , ليبتسم بحب حقيقي وهو ينظر لها بنظرات خاصه ووجد لسانه يردد بصوت خافت لكنه مسموع :
– بحبك .
قلب مُصاب بالحب ..الفصل السادس ” زفاف ” ….ناهد خالد
-بحبك .
فتحت عيناها بابتسامه ناعمه حين تذكر عقلها تلك الذكرى التي مرَّ عليها ثلاثة أشهر بالتمام حين اعترف لها بحبه لأول مره لكنها لم تكن الأخيره فبعدها توالت اعترافته بمناسبه وبدون مناسبه , وتوالت الخروجات والأحاديث بالهاتف لساعات دون ملل من جهته و الهدايا في أي وقت وكل وقت حتى شعرت أن ” صالح ” هذا غير الذي عرفته سابقًا تمامًا , هذا شخص يفعل كل ما بوسعه فقط من أجل سعادتها , عيناه اللامعه أثناء حديثه معها لا تُخفى عنها , وحبه للإستماع لحديثها حتى وإن كانت تسرد له أحداث فيلم ما رأته بالأمس يجعل قلبها يتراقص من فرط سعادته , حتى أن ” إسلام ” أخيها أصبح يقف بصفه بعدما كان يعارضها ويطلب منها الإنفصال عنه ووقوفه معه الآن ليس لشئ سوى لتأكده من أنه يكن حبًا حقيقيًا لأخته وهو لا يريد أكثر من هذا , فاقت من خضم أفكارها على صوت الفتاه الواقفه بجوارها وهي تقول :
-خلصنا , شوفي كده اللوك لو حابه تعدلي حاجه ؟
نظرت لإنعكاس صورتها في المرآه لترى الفتاه قد أبدعت في وضح مستحضرات التجميل على وجهها ببساطه ونعومه كما طلبت و يتماشى تمامًا مع بساطة تصفيفة شعرها الذي عصكته لأعلى بفورمه جميله ووضعت فوقه تاج متوسط الحجم من الكريستال اللامع وخلفه ثُبتت طرحة فستان الزفاف الطويله التي تصل لنهاية قدمها لتتصل ببداية ذيل الفستان , ابتسمت برضا وهي تقول :
-شكرًا يا سالي تسلم أيدك بجد حلو أوي وناعم زي ماطلبته .
ابتسمت الأخيره زهوًا وهي تجيبها :
-العفو يا مدام أهم حاجه أنه عجبك , وأنا كده خلصت , تطلبي مني حاجه تانيه ؟
نظرت لها بامتنان وقالت بابتسامه :
-لا كفايه كده تعبتك معايا تقدري تتفضلي .
أنهت الأخيره حديثها وهي تلملم أشيائها في حين تقول :
-ألف مبروك وربنا يسعدكم .
تنهدت ” ياسمين ” بتوتر مُجيبه :
-الله يبارك فيكِ , عقبالك .
أنهت ” سالي ” تجميع أشيائها واتجهت للخروج تزامنًا مع دلوف ” معتز ” فابتسمت له وهي تردد :
-العروسه جهزت خلاص , ألف مبروك .
ابتسم لها ” معتز ” بأعين لامعه وهو يطالع ابنته وردد :
-الله يبارك فيكِ يابنتي .
انسحبت الفتاه بهدوء تاركه لهما حرية التعبير عن مشاعرهما في هذه اللحظه المميزه , أنتبهت ” ياسمين ” لوجود أبيها فوقفت بابتسامه واسعه وهي ترفع فستانها من الأمام وتتجه نحوه ووقفت على بُعد خطوتين لتسمح له بتفحصها ورؤيتها في ثوب زفافها , جرت عيناه عليها بدأً من وجهها حتى فستانها الضيق حتى الخصر وينزل باتساع كبير يتلألأ قماشه بلمعه أظهرتها كنجمه مضيئه في ليله غاب فيها القمر من السماء , اقترب الخطوتان الفاصلتان بينهما حتى أصبح أمامها تمامًا فامتلئت عيناه بدموع حاول حجبها لكنه فشل وهو يغمغم لها :
-أحلى من القمر , مبروك يا ياسمين .
ضغطت على أسنانها بقوه تمنع نوبة بكاء آتيه في الطريق إليها , ورفرفت بأهدابها عدة مرات حتي أستعادت ثباتها فابتسمت باتساع وهي تجيبه :
-الله يبارك في حضرتك يابابا , ايه رأيك حلوه ؟
ضحك بخفوت مرِح وهو يقول :
-عارفه لو الواد صالح مش إبن أخويا كنت خدتك وروحت وقلتله معنديش بنات للجواز , بس الي مصبرني إنك هتبقي معايا في نفس البيت .
احتضنت كفيهِ بكفيها وهي تقول :
-متقلقش مش هتحس إني اتجوزت أصلاً وهتلاقيني كل شويه عندك ولو عاوزني أبات هبات .
ضحك بقوه وهو يهز رأسه بيأس يقول :
-عشان صالح يعلقنا على باب البيت أنت مش شايفه واقف تحت عامل ازاي عليه عفريت اسمه اطلع شوفها يا عمي اتأخرت ليه , الواد واقع خالص أنتِ عملتِ فيه ايه ؟.
أحمر وجهها خجلاً وهي تستمع لحديث والدها والتزمت الصمت ليُكمل هو وهو يقترب مقبلاً جبهتها بحب ثم ابتعد يقول :
-في أي وقت يزعلك أعرفي أن أبوكِ موجود وهيجبلك حقك , بس برضو ده لما يكون موضوع يستاهل لكن المشاكل العاديه خليها بينك وبين جوزك عشان متكبرش , طول ما هي بينكوا هتتحل لكن لو خرجت براكوا ممكن تتحل برضو بس هتتعقد وهتاخد وقت أطول , فهماني يا ياسمين ؟
أومأت له بإيجاب وهي تقول :
-فهماك يابابا .
———–
-إنما ايه القمر ده ؟
قالها ” علي ” الذي يجلس مجاورًا ل “رندا ” التي أصبحت خطيبته منذُ شهران ونصف و بعد ثلاثة أشهر ستصبح زوجته , ابتسمت الأخيره بخجل وهي تخفض بصرها في حين تغمغم :
-حلوه يعني ؟
كبح ابتسامه خبيثه كادت تظهر على وجهه وهو يجيبها :
-الصراحه أنا بتكلم على الفستان , قمر أوي .
رفعت رأسها له بحده وهي تردد باستنكار :
-فستان !
أومئ ببراءه مصطنعه وهو يقول :
-فستان , اومال أنتِ فهمتِ أني بقول عليكِ ؟
ضيقت عيناها بضيق وهي تردد :
-فستان ها ! تمام أوي أبقى اتجوز الفستان بقى .
أنهت حديثها وفي لمح البصر كانت قد وقفت مبتعده عنه متجاهله نداءه بأسمها .
كانت تبرطم بكلمات مُبهمه وهي تسير بغضب من حديث ذلك المعتوه الذي ربطتت نفسها بهِ وأنهت غمغمتها تقول :
-ماشي يا علي أنا هوريك إن م…
قطع حديثها تلك التي تناديها حين مرت بجانبها فنظرت لها باستغراب لترى فتاه جميله ترتدي ثوب نسائي من اللون الأسود يفصل منحنياتها بوضوح .
-نعم ؟ بتناديني ؟
قالتها ” رندا ” وهي تتجه لها فابتسمت الأخيره وهي تقول :
-Pardon , إن كنت هعطلك , بس كنت بسأل عن صالح الزيني ألأقيه فين لأني مش شيفاه ؟
نظرت لها ” رندا ” بريبه من أمرها قبل أن تسألها باستفسار :
-وأنتِ عاوزه صالح ليه ؟
ابتسمت الأخيره بهدوء مُجيبه :
-أنا ال weeding planner بتاعت الحفله , وخصلت شغلي وطلعت ألبس بعدين نزلت أدور على صالح عشان أتفق معاه على ظهوره هو والعروسه هيكون ازاي بس مش لاقياه ومبيردش على الفون .
ابتسمت لها ” رندا ” وهي تقول بإدراك لهويتها :
-ديانا محفوظ مش كده ؟
ردت الأخيره بتأكيد :
Yes –
-صالح اهو …صالح .
قالتها ” رندا ” وهي ترى ظهور صالح الذي دلف للتو من بوابة الفندق المُعقد فيهِ الحفل , انتبه الأخير لندائها فاتجه لهما بخطوات متريثه تلائم تمامًا مظهره الأنيق الزاهي ببدلته السوداء الفاخره وحذاءه المماثل حتى تصفيفة شعره الذي أبهت صورته أكثر وأكثر , وصل أمامهما ليهتف بهدوء :
-ها يا ديانا كله تمام ؟
ابتسمت له بثقه وهي تقول :
-Sure , كنت لسه بدور عليك عشان أقولك دخلتك أنت والعروسه هتبقى ازاي .
-أنتِ مش قلتي هننزل من على الكوبري المعلق الي في القاعه ؟
ردت بحماس :
-لا عندي فكره أحلى وجهزنالها خلاص بص أنتوا هتنزلوا من فوق .
قطب حاجبيهِ باستغراب مرددًا :
-فوق فين ؟
ردت بشرح :
-من فوق الكوشه هتنزلوا على حاجه شبه البساط كده .
-لا بقولك ايه أنا عاوز أعدي الليله على خير , لا بساط ولا مبساطش .
ردت بإلحاح :
-يا صالح أسمع بس والله هتبقى حاجه واو , ومتقلقش ده Safty جدًا أحنا يعني هنضركوا ؟
زفر باستسلام وهو يقول :
-ماشي , بس تنزل ونعمل السيشن ونكتب الكتاب بعدين نشوف .
أومأت بابتسامه سعيده وهي تذهب :
-هروح أظبط الدنيا .
ذهبت من أمامهما لتلتفت ” رندا ” لصالح وهي تقول بإعجاب زائف :
-يالهوي على بجاحتك , صدق يا صالح أنا لما قولتلي أنك هتجيب ديانا تعملك الديكور قلت ده بيهبد وأكيد مش هيعمل كده , لكنك قادر بصحيح !
رفع حاجبه الأيمن باستنكار وهو يقول :
-أنتِ عبيطه يابنتي ! فيها ايه لما أجيبها ما أنتِ عارفه أن الموضوع انتهى من قبل ما يبدأ , ده أنا حتى ناوي أعرفها على ياسمين النهارده والموضوع كله دلوقتي مجرد شغل , احنا تاب علينا ربنا يا ماما الحمد لله .
حركت سببتها على صدرها صعودًا ونزولاً وهي تقول بأعين ضائقه :
-مش مرتحالك .
أشاح لها بيده وهو يردد باشمئزاز :
-هش , روحي شوفي خطيبك فين أقرفيه أنتِ جايه تقرفيني أنا !
أنهى حديثه وتركها وذهب لمكان استقبال ” ياسمين ” ليخضعا لجلسة التصوير الخاصه بهما , وقعت أنظاره على ” ديانا ” أثناء سيره فرآها تتحدث مع أحدهم يبدو أنها تخطط لشئ بالحفل ليبتسم براحه وهو يتذكر ما فعله في ثالث لقاء بينهما….
هذه المره الثالثه التي سيراها فيها بعد مرة تعارفهما والمره الأخرى التي كانت مُرتبه من قبلهما , وقف على باب المطعم ينظر لدبلته بضيق حائر , المره السابقه خلعها بصعوبه قبل دلوفه ولم يشعر بالراحه طوال الجلسه التي لم تدم طويلاً . ولكن هذه المره لا يشعر أنه قادر على فعلها , ظل واقفًا لأكثر من دقيقه وهو الآن لا يرى الدبله فقط بل يراها هي ” ياسمين ” يرى وجهها ينظر له بعتاب ويلومه على ما يفعله والذي لا يسمى سوى ” خيانه ” , وبعد انقضاء هذه الدقيقه وجد نفسه يتركها في يده ويدلف للداخل بخطى ثابته وهو يعلم تمام العلم ما سيفعله , رآها جالسه على أحد الطاولات تعبث بهاتفها فاقترب منها بنفس الإبتسامه حتى جلس أمامها بعد أن صافحها بهدوء وبالطبع لم يغفل عنها ” دبلته ” التي تزين أصبعه .
-ازيك يا ديانا ؟
ردت بهدوء مفتعل :
-Good , هو أنت خطبت ؟
تسائلت بها مباشرةً وهي تنظر لكف يده , ليبتسم بهدوء وقال :
-ايوه , من يومين , عقبالك .
حافظت على ثبات ملامحها وهي تقول :
-Thanks , بس جت فجأه يعني ! بتحبها ؟
أفتر ثغره عن ابتسامه صادقه وهو يجيبها :
-جدًا , وجت فجأه لأني اكتشفت فجأه إني بحبها ومش عاوز غيرها في حياتي .
رساله مُبطنه لكنها فهمتها بوضوح , فوقفت بهدوء لتحافظ على كرامتها وهي تقول :
-مبسوطه إنك عرفت أنت عاوز ايه , وكادو مني أنا الي هعملك party الفرح , بس ابقى عرفني ميعاده .
وقف أمامها محافظًا على ابتسامته وهو يقول :
-أكيد هعمل كده , ده يشرفني .
وأنتهت مقابلتهما ليخرج بعدها وهو يشعر براحه طاغيه تحتل وجدانه كأنه قد تخلص من كل ما يؤرقه ..
” عوده ”
وقف أمام الدرج الخارجي الذي ستهبطه لتصل له وبالفعل ثوانِ وكانت أعلاه تبتسم له بصفاء وجمال يشبه جمال وردة الياسمين خاصته , قبل أن تهبط بحذر بسبب فستانها وأبيها جوارها تطأبط ذراعه حتى وصلت أمامه فصافح أبيها مبتسمًا وعدسات كاميرا المصور توثق هذه اللحظه , تنهد ” معتز ” وهو ينظر ل ” صالح ” قبل أن يقول :
-أنا واثق فيك عشان شايف في عنيك حب لبنتي , بس هقولك جمله واحده يا صالح ” يوم ما تزهق منها أو تكره عيشتك معاها رجعهالي , رجعها للي عمره ما هيأذيها ولا هيعاملها وحش , رجعها للي خدتها منه , ولو مت ترجعها لأخوها ” فاهمني ؟
لن ينكر أن حديث عمه أثار مشاعره بشكل ما , وبث الخوف في نفسه من أن يأتي يوم يضطر فيهِ لتنفيذ ما يسمعه الآن , ابتسم بكياسه وهو يقول له :
-متقلقش يا عمي أنا عمري ما هأذيها , ويوم ما مقدرش أحافظ عليها أوعدك أرجعهالك .
وكان وعد خفي لا يخص ما قصده ” معتز ” بل يخص شيئًا آخر في نفس ” صالح ” , شئ هو يعلمه جيدًا وقد قطع وعدًا الآن إن عاد لفعله حتى وإن لم تعلم هي سيعيدها لأبيها ليس مللاً منها أو كرهًا لحياته معها بل حفاظًا على وردة الياسمين من الذبلان .
توجه لها بابتسامته وأعينه اللامعه بلمعه تخصها هي فقط وقبل كف يدها ثم انتقل لرأسها يقبلها بحنو وهو يشعر بدقاته تتصاعد وما إن ابتعد عنها حتى قال بهمس لها وحدها :
-أجمل عروسه شافتها عيني , بحبك يا ياسمين .
تخضب وجهها بحمرة الخجل الفطريه وهي تهمس له :
-أنت كمان شكلك حلو أوي .
رفع حاجبيهِ بدهشه وهو يردد باستنكار :
-أنا شكلي حلو ! , ياسمين أنا كل الي شافني قالي أنت شكلك حلو , أنتِ مش هتقولي حاجه مميزه ؟
اتسعت ابتسامتها مرحًا وهي تجيبه :
-بعد كتب الكتاب هقولك , هو المأذون فين ؟
ذم شفتيهِ بضيق وهو يقول :
-لا مهو يوم باين , المأذون اتصل وهيتأخر ساعه , عشان عمي يصمم نكتب الكتاب النهارده .
تسائلت بحيره :
-اومال هنعمل ايه دلوقتِ ؟
أشار على المصور وهو يقول :
-هنتصور بقى بدل ما نضيع الوقت .
——-( ناهد خالد )———-
مرت الساعه وفوقها دقائق وانتهوا من التصوير وحضر المأذون وانتهوا من كتب الكتاب أيضًا , وبدأت مراسم الفرح , وهناك على باب القاعه كانت تدلف إحداهن بثوبها الأحمر المحتضن لجسدها ببراعه ودارت بعيناها في المكان حتى وقعت على صالح وهو يراقص عروسه فالتوى فمها بابتسامه ساخره وهي تردد بتهكم :
-ياحبيبي !!
قلب مُصــاب بالحب ..الفصل السابع ” سعاده مُهدده ”
أثناء مراقصته لعروسه كان يشعر وكأنه في حلم جميل لا يريده أن ينتهي تتراقص دقات قلبه تزامنًا مع تراقص جسده وعيناه تنضح بنظرات حالمه سعيده يلاحظها الجميع حتى … وقعت عليها تلك التي تقف أمام الباب الداخلي للقاعه تبتسم بسخريه ورُبما بمكر ! لم يستطع التحديد من صدمته لوجودها , توقف عن الرقص و” ياسمين ” تطالعه باستغراب خاصًة مع تجمد ملامحه فهتفت بتساؤل :
-مالك يا صالح ؟
حول بصره لها لينتبه لوضعه فابتسم بصعوبه وهو يقول :
-مفيش , أصل شوفت ضيف غير مرغوب فيه ومعزمتوش .
أشار ل ” رندا ” الواقفه بالقرب منهما وهو يُكمل :
-كملي أنتِ رقص مع رندا وأنا دقيقتين وهاجي .
أنهى حديثه بابتسامه مطمئنه وهو ينزل من فوق المسرح الخاص بالعروسين بهدوء ظاهري .
اتسعت ابتسامتها وهي تراه يقترب منها حتى أصبح أمامها فأشار لها بعينيهِ وأكمل طريقه للخارج , وقفت لثانيتان بعد خروجه تمشط الحفله بنظرها بسخريه مبطنه قبل أن تلحق بهِ للخارج .
وجدته يقف بأحد الممرات النائيه قليلاً فاتجهت له بخطى بطيئه مدروسه والإبتسامه الغامضه لم تفارق ثغرها حتى أصبحت أمامه تمامًا فهتفت بنبره مُدلله :
-اووه , بيبي كده متعزمنيش على فرحك ؟ لأ زعلانه .
لم تنفك عضلات وجهه الصلبه ونظراته الحاده لم تلين وهو يسألها بجمود :
– عاوزه ايه يا مُنى , أنتِ قولتيها معزمتكيش جايه ليه بقى ؟!
اقتربت أكثر حتى أصبحت على بُعد خطوه واحده منه فرفعت ذراعها لتسنده على كتفه الأيمن وكفها يتلمس خصلات شعره من الخلف وهي تقول بنظره ثاقبه :
-وهو يصح متعزمش حبيبتك السابقه على فرحك ؟ دي أصول ! فين أخلاق النهايات !
رفع يده وأمسك ذراعها منزلاً إياه بحده وضيق وقال بسخريه :
-حبيبتي السابقه ! أنتِ هتضحكِ على نفسك ! أنتِ عارفه كويس أني عمري ما حبيتك ولا أنتِ ولا أي حد قبلك , الي كان بينا مجرد وقت لطيف بنضيعه مش أكتر .
-ده بالنسبالك , لكن أنا ! مفكرتش أنا ……
قاطعها وهو يرفع سبابته محذرًا :
-تبقي غبيه لو قلتِ أنك حبتيني , عشان أنا عارف كويس أوي إن صالح الزيني بالنسبه ليكِ كان مجرد Gentle Man بتتمنظري بيه قدام صحباتك خصوصًا وأنتِ شايفه نظراتهم ليا وأنهم شايفين أنك محظوظه عشان بقيتِ ال girl friend بتاعتي , يعنى حتى هم كانوا عارفين أن علاقتنا ببعض مجرد صحوبيه مش كابلز مثلاً !
توترت ملامحها وهي تستمع لحديثه ثم قالت بافتعال :
-أنت صح , بس ده مش معناه أبدًا أنك تسيبني فجأه كده من غير أي مقدمات لا وكمان تتجوز ! وياترى بقى العروسه من الي كنت تعرفهم ولا ا….
توحشت ملامحه وهو يقترب الخطوه الفاصله بينهما حتى أصبحا متقابلين تمامًا وقبض بكفه على معصمها وهو يهتف من بين أسنانه :
-لو قلتِ كلمه واحده عليها هبلعلك لسانك .
ضرب الخوف أواصلها وهي تستمع لفحيح نبرته وجدية ملامحه فتراجعت هي خطوه للخلف وهي تجذب ذراعها بقوه من قبضته وهتفت بتوتر حاولت مدراته :
-Ok , as you like
ياصالح , بس افتكر أنك أنت الي بعت في الأول وأنا ليا حق عندك , تشاو .
أنهت حديثها وتركت لقدميها العنان لتسابقان الريح فليست تمتلك الشجاعه الكافيه كي تبقى أمامه بملامحه المتوحشه , الشرسه هذه .
زفر بضيق وهو يتابع ذهابها وغمغم بخنقه :
-هو الماضي ورايا ورايا !
——–( ناهد خالد )————-
-ياسمين أنتِ بتعملي ايه كل ده ! الأكل هيبرد يا حبيبتي !
كانت تلك كلمات ” صالح ” التي ألقاها باستغراب وهو يقف أمام باب غرفتهما المغلق بعدما نفذ صبره , فقد دلفت منذُ أكثر من ساعه لتغير فستانها وطلب هو العشاء من إدارة الفندق الذي قرر النزول فيه مع عروسه لثلاثة أيام قبل السفر لقضاء شهر العسل المقرر قضاءه في ” دبي ” والتي كانت من اختيار ” ياسمين ” , اتجه لمكان الطعام ثانيةً بعدما ألقى جملته لها وهو ينظر للطعام بضيق فقد كان منذُ دقائق تتصاعد منه الأبخره دلاله على سخونته ولكن الآن يبدو أنه قارب على فقد حرارته وبالتالي دقائق أخرى وسيحتاجون لإعادة تسخينه !.
-لا لا أنا مكسوفه أطلع كده !
غمغمت بها وهي تطالع هيئتها في المرآه بذلك القميص الأبيض الذي يصل لقبل ركبتيها بقليل من قماشة الستان الناعم ورغم أنها ارتدت فوقه قطعه أخرى تصل لبعد ركبتيها بقليل إلا أنها مازالت تشعر بالخجل الشديد للخروج أمامه هكذا , انتفضت بخضه حين استمعت لدقه خافته فوق الباب تبعها صوته المطالب بخروجها لتناول الطعام فأدركت أنها أصبحت أمام الأمر الواقع , أخذت نفس عميق تشجع من نفسها وهي تذكر ذاتها أنه أصبح زوجها وليس شخص غريب , وبعد محاولات دامت لثلاث دقائق تقريبًا أخيرًا ها هي تفتح باب الغرفه وتخرج بخطى بطيئه مضطربه , انتبه لها ” صالح ” فاتسع ثغره مبتسمًا وهو يردد :
-أخيرًا , فكرتك نم…
كان يتحدث وهو يزيل أغطية أطباق الطعام حين استمع لصوت الباب يُفتح وأدرك خروجها , وتوقفت الكلمات في حلقه حين التف ورأها بمظهرها المهلك له , وأما عنها فوترتها نظراته أكثر مما جعلها تفكر في العوده للغرفه مره أخرى لكن قبل أن تفعل كان هو قد تدارك خجلها فهتف وهو يشيح ببصره عنها :
-يالا بقى عشان الأكل برد .
اقتربت منهِ وجلست أمامه وبينهما الطاوله التي كادت تختفي تحتها وهو يراقب ما تفعله بضحكه مكتومه حتى أنتهوا من تناول العشاء , فوقفت هي سريعًا تقول بارتباك جلي :
-أا..أنا هدخل أنام بقى عشان أُرهقت .
خطوه والثانيه والثالثه كانت في أحضانه لا تدري متى ولا كيف ولكنها فجأه وجدت ذراعيهِ تطوقها بحصار , فوقفت تنظر له بقلق وهي تسمعه يقول ببسمه واسعه وعيناه مُثبته في عيناها :
-بتهربي ؟ من امتى وأنتِ بتنامي الساعه 11 , ده احنا حتى عاملين الفرح بدري .
ابتلعت ريقها بارتباك ثم رددت بتبرير :
-مهو , أصل أنا …
-ياسمين .
قاطعها هامسًا بإسمها فرفعت رأسها له بإنتباه لتجده يُكمل متسائلاً ببحه مميزه :
-بتحبيني ؟
تسارعت أنفاسها وهي تستمع لسؤاله المفاجئ لها , ووجدت أنظارها تنخفض تلقائيًا لكنه لم يسمح لها وهو يعيد رفع وجهها بإصبعه ويقول :
-أنا عارف الإجابه من الجواب الي كان مع هدايا عيد ميلادي , بس عاوز أسمعها منك .
نظرت له بتردد لقد قررت سابقًا أن تعترف له بها بعد زواجهما خاصًة وهو لم يبخل عليها بإظهار مشاعره والإعتراف بها لكن ماذا تفعل في خجلها الذي يفسد كل شئ !
-قوليها يا ياسمين نفسي اسمعها .
قالها ثانيًة بنبرة رجاء طغت على نبرته فعزَ عليها ألا تقولها له ووجدت نفسها تهمس بصوت وصل لمسامعه بوضوح :
-بحبك , بحبك يا صالح من أول ما عرفت للحب معنى .
ارتجفت مشاعره وهو يستمع لهمسها المُحبب وارتفع كفيهِ يكوبان وجهها وهو يهمس بالمقابل بأعين لامعه بمشاعر صادقه :
-وحبكِ كان التوبه لقلب مليان معاصي .
وكانت هذه جملته الأخيره التي قالها قبل أن يبدأ معها مراسم إكتمال الحب , ويصبحان روحًا واحده وجسدًا واحد …..
————–
الثالثه والثانيه والعشرون دقيقه فجرًا,
في أحد أفخم فنادق القاهره ,
تحديدًا غرفة العروسين ..
تقلب بعدم راحه لإستماعه لرنين هاتفه المتواصل وهو لم ينم سوى من ساعه تقريبًا بعد ليله رائعه قضاها مع من أختارها قلبه يثبت لها فيها صدق مشاعره بكل الطرق المُمكنه , تأفأف بضيق وهو ينهض من فوق الفراش بعدما ألقى نظره على زوجته الحبيبه فوجدها مازالت نائمه رغم اقتضاب ملامحها فيبدو أن الرنين يزعجها هي الأخرى , جذب الغطاء أكثر عليها قبل أن يترك الفراش ليحميها من برد جهاز التبريد خاصًة في هذا الوقت من الليل , ومن ثم اتجه لهاتفه ليجده رقم ! مجرد رقم سخيف يزعجه في ليله كهذه !
فتح المكالمه بعدما خرج من الغرفه كي لا يزعج تلك النائمه وهو يجيب بحده :
-ألو , مين ؟
– Ops , أوعى أكون أزعجتك يا بيبي !
سبه بذيئه خرجت من فاهه وصلت لمسامع الأخيره بوضوح تبعها قوله :
-أنتِ عاوزه ايه يا زفته أنتِ !
شهقت باصطناع ثم قالت بنبره معاتبه :
-أخص عليك يا صلوحه أنا زفته ! لا أنا كده أزعل , وأنا زعلي وحش .
اشتعل الغضب بأوردته ليهتف بعصبيه :
-ما تولعي , بقولك أيه قسمًا بربي لو ما بعدتِ عن طريقي لأسففك التراب .
وأنهى المكالمه بغضب عارم قبل أن يستمع لردها وما إن أنهاها حتى استمع لصوتها من خلفه تناديه باستغراب :
-صالح !
أغمض عيناه لبرهه يستعيد هدوءه قبل أن يلتفت لها بابتسامه هادئه وهو يغمغم في حين يقترب منها :
-عيون صالح .
شدت “روب ” القميص تحمي نفسها من بعض نسمات الهواء البارده التي تضرب جسدها القادمه من أحد النوافذ المفتوحه وهي تسأله :
-ايه الي صحاك ؟
وصل أمامها فجذبها برفق لداخل الغرفه وهو يقول :
-شخص سخيف متشغليش بالك , بس صدقي الحسنه الوحيده الي عملها أنه صحاكِ .
قطبت حاجبيها باستغراب وهي تسأله :
-ليه ؟
أغلق باب الغرفه خلفهما وهو يقول بتلاعب :
-حالاً هقولك .
———————-
خمسه و عشرون يومًا مروا بسلام لحد ما , سافر ” صالح وياسمين ” لدبي لقضاء شهر عسلهم كما قرروا سابقًا وقضوا أيامًا حقًا لا تُنسى , ورغم عدم كف ” مُنى ” عن مطاردة ” صالح ” ومضايقته إلا أنه لم يرمي لها بالاً وعقد النيه على لقائها فور وصوله لمصر وتلقينها درسًا لن تنساه كي تكف عن اللحاق بهِ , وفي ليله من لياليهم الرائعه خرج ” صالح ” ليجلب لهما العشاء من أحد مطاعم الأسماك المعروفه والتي أصرت ” ياسمين ” على العشاء منها ولقربها من مكانهما فضل ” صالح “النزول بنفسه لجلب الطعام وقرر المرور على أحد محلات بيع الورود لينتقي لها باقه مميزه يفاجئها بها .
كانت تضع لمساتها الأخيره من مستحضرات التجميل على وجهها فهي أيضًا قد أعدت له مفاجئه خاصه , ومسدت بكفيها على قميص النوم المغري حد الهلاك التي قررت ارتدائه بلونه الأسود الرائع , قبل أن تستمع لرنين هاتف ” صالح ” المتواصل فيبدو أنه قد نساه , اقتربت منه تطالع شاشته لتجده رقم غير مسجل , لكنه رقم مصري ! رُبما أحد من عائلتهما , فتحت المكالمه وقبل أن تنطق بحرف استمعت لصوت أنثوي يقول باهتياج :
-بطنشني يا صالح ! بقالي 5 أيام بكلمك وأنت بتكنسل وفي الآخر تعملي بلوك فاكرني مش هعرف أوصلك ! قلتلك قبل كده بلاش تزعلني عشان زعلي وحش , مش خايف أقول لمراتك حبيبة القلب عن نزواتك القديمه واطربقها فوق دماغك …
تخشبت محلها وهي تستمع لحديث الأخرى , نزوات ! أي نزوات تقصدها ومن هذه !!
قلب مُصــاب بالحب ……الفصل الثامن ” اكتشاف خيانه “…ناهد خالد
-بطنشني يا صالح ! بقالي 5 أيام بكلمك وأنت بتكنسل وفي الآخر تعملي بلوك فاكرني مش هعرف أكلمك ! قلتلك قبل كده بلاش تزعلني عشان زعلي وحش , مش خايف أقول لمراتك حبيبة القلب عن نزواتك القديمه واطربقها فوق دماغك …
تخشبت محلها وهي تستمع لحديث الأخرى , نزوات ! أي نزوات تقصدها ومن هذه !!
ظلت صامته لدقيقتان تقريبًا والأخرى صمتت أيضًا منتظره ردها حتى سئمت فهتفت بضيق :
-أنت مبتردش ليه يا صالح ؟
-أنا مش صالح ينفع مراته ؟
رددتها بجمود تام كجمود مشاعرها وتصلب إحساسها في هذه اللحظه , صمتت ” مُنى ” بارتباك لحظي لتفاجئها بهوية المُجيب ولكن لم يدم صمتها طويلاً حتى انتبه عقلها أن هذه هي الفرصه المناسبه تمامًا للإنتقام من ” صالح ” ورُبما ليخلو لها الطريق أيضًا فبالتأكيد لن تبقى معه زوجته بعد معرفتها بعلاقاته المتعدده فقالت بارتباك مصطنع قصدت ظهوره :
-م..مراته !! أأ..أنا شكلي كده طلبت رقم غلط pardon .
ردت ” ياسمين ” بنبره قويه وطريقه لا تلائمها تمامًا ولكن كما هو معروف بداخل كلاً منا إنسان بذئ لا يخرج إلا عندما نفقد تحكمنا في ذاتنا :
-غلط ايه ياروح أمك أنتِ هتستعبطي ! لخصي وقولي تعرفي صالح منين !
أغتاظت الأخرى من طريقتها فهي قد ظنت أنها ستستمع لنبرتها الحزينه وهي لا تستوعب كون زوجها على علاقه بأخرى ورُبما تستمع لبكاءها وإنهيارها ولكن تخاطبها بهذه النبره القويه ! هذا ما لم تتوقعه أبدًا فأثار غيظها تجاهها مما جعلها تقول ببرود :
-أعرف صالح من قبل ما يتجوزك ياحلوه , والحقيقه هو الي يعرفني هو الي فضل يحوم حوليا لحد ما وقعني في شباكه , وفجأه الاقيه اتجوزك , واقولك كمان أنا يدوب اسم من ضمن اسماء كتير في قايمة علاقات صالح , وكلهم بيغدر بيهم في الآخر .
كالذي يسير في طريق ظنه مستوي وفجأه وجد نفسه يسقط في حفره عميقه لا يدري من أين ظهرت فجأه , فيسقط قلبه خوفًا مع سقوطه , هكذا هي تمامًا وهكذا شعورها الآن بعدما استمعت لحديث الأخيره وللعجب صدقته فورًا دون شك وبدأ عقلها يستعيد طريقته معها في أول الخطوبه , إذًا لم يكن الأمر مجرد إنشغال عمل كما زعم , بل انشغال بأخرى حينها وحين قرر تركها اقترب منها فكانت هي مجرد سد خانه !!
زفرت أنفاسها التي تشعر بثقلها على قلبها وهي تقول للأخيره باستفسار :
-وأنتِ عاوزه منه ايه بعد ماتجوز ! بتلفي وراه ليه ؟
أتاها رد ” مُنى وهي تقول باستياء وغيظ :
-عشان أنا مش لعبه في ايده يسبني وقت ما يحب , بعدين صالح حابب يعيش دور مش دوره , دور المخلص الي اتجوز فتاب رغم إني متأكده أنه لو شاف واحده عجبته في ثانيه هيجري وراها كالعاده مفيش واحده حلوه تعدي من تحت إيده .
ليس من السهل أبدًا أن تستمع لحديث كهذا عن زوجها , فماذا إن كان زوجها وحبيبها معًا !
صمتت قليلاً تعيد حديثها في عقلها مره أخرى وأخيرًا نطقت بهدوء :
-يبقى افضلي حاولي ونشوف إذا كنتِ هتقدري ترجعيه ليكِ من تاني ولا هو بقى مخلص بجد , ووعد مني لو رجعلك هنسحب من حياته بكل هدوء وهسيبهولك تشبعي بيه .
اتسعت عيني الأخيره بصدمه وتسائلت بدهشه تمكنت من نبرتها :
-أنتِ بتتكلمي بجد ؟ يعني هتسبيني اقرب منه ؟
تجاهلت ” ياسمين ” سؤالها وهي تقول بهدوء لم يختفي :
-أول ما تجبيلي دليل رجوعكم لبعض تاني يوم هيوصلك خبر طلاقنا , ويبقى مبروك عليكِ عشان أنا مبشتريش حد بايعني, ولا ببقى على حد مش عارف قيمتي .
أنهت حديثها وأغلقت المكالمه دون أن تستمع لرد الأخيره فهي قد أوصلت لها ما تريد قوله .
وضعت هاتفه مكانه بعدما مسحت سجل المكالمه الأخير وجلست على أحد المقاعد الموجوده في الغرفه بملامح صامته ..صامته تمامًا وكأنها أصبحت جماد , صالح ! من عشقته منذُ صغرها وطارت فرحًا حين تقدم لخطبتها , صالح من وهبته كل مشاعرها وكل تفكيرها في سنواتها الماضيه وحتى الآن تكتشف عنه كل هذا ! خائن ..هكذا رددها عقلها حين بدأ استيعاب ما عرفه منذُ قليل , كيف تثق بهِ بعد هذا ؟ كيف تؤمن له بعد ما عرفته ؟ , زفره عميقه منها قبل أن تتحدث بخفوت كأنها تتحدث لأحد أمامها مُجيبه عن سؤالها الأخير :
-عشان كده كان لازم اسيبلها فرصه تحاول ترجعه ليها , لو رجع يبقى عمره ما حبني وكان بيشتغلني , لو واجهته هيبعد عنها وهيقطع علاقته بيها وهيحلفلي أنها آخر مره لكن أيه الي ضمني أنه ميعرفش واحده تانيه من ورايا ومكتشفهاش زي دي ووقتها هفضل مغفله طول عمري , لكن لو محاولتها فشلت يبقى هو بيحبني بجد ووقتها بس هعرف أثق فيه من تاني .
ما إن أنهت حديثها لذاتها حتى استمعت لصوت الجناح يُفتح وصوته يصدح مناديًا عليها :
-ياسمين !
وقفت تزفر أنفاسها عدة مرات متتاليه ومن ثم حاولت رسم ابتسامه هادئه على ثغرها وهي تردد في داخلها ..لا بأس من بعض التمثيل ..
فُتح باب الغرفه ودخل منه بابتسامه اندثرت فورًا ما إن وقع بصره عليها بجمالها الآخذ وقميصها الذي كاد يطير عقله فأصدر صفيرًا عابثًا من شفتيهِ وهو يقول في حين يقترب منها :
-ايه الجمال ده بس أنا قلبي ميستحملش كل ده !
في بادئ الأمر شعرت بنفسها مُتصلبه لا تستطيع فعل أي شئ سوى الإبتسام لا تقدر حتى على النطق بكلمه واحده حتى اقترب منها واحتضنها بتودد يهمس لها بالقرب من أذنيها :
-مُبهره يا قلب صالح كالعاده .
لا لن تستطيع , هكذا ردد عقلها فهي بالفعل لا تستطيع تشعر وكأنها غير قادره على النطق بكلمه واحده أو رفع ذراعيها وأحاطته لن تقدر , حتى التصنع صعب عليها لحد لم تكن تتخيله , فقررت الهرب بطريقه أخرى حين استندت برأسها بتعب مصطنع على صدره وهي تهمس :
-صالح أنا دايخه .
انتفض مبتعدًا عنها حين استمع لهمسها وأحاطها بذراعيهِ وهو يسألها بقلق :
-دايخه ليه مالك ؟
أغمضت عيناها وتصنعت الترنح بين يديهِ فأسرع بحملها ووضعها فوق الفراش وجلس جوارها وهو يمسك بكفها بين كفيهِ مرددًا بلهفه :
-لسه حاسه أنك تعبانه , أجيبلك دكتور؟
نفت برأسها سريعًا وهي تغمغم :
-لأ مفيش داعي , أنا حاسه إني لو نمت هكون كويسه .
-طيب مش هتاكلي ؟ يمكن دايخه من من قلة الأكل .
اندثرت أسفل الغطاء وهي تريح جسدها على الفراش أكثر وتهمس له :
-لا هنام ولما أصحى أبقى أكل .
اقترب مقبلاً جبهتها بحنان ورفق وهمس لها :
-نامي يا حبيبتي وأنا شويه وهصحيكِ .
أنهى جملته لها ووقف متجهًا للإضاءه وأطفئها ثم خرج من الغرفه بأكملها ليتركها ترتاح .
فتحت عيناها ما إن شعرت بخروجه وظلت محملقه في سقف الغرفه تخطط لما هو قادم معه .
———( ناهد خالد )————
في اليوم التالي …الثالثه عصرًا كانت قد طلبت من “صالح ” الذهاب لأحد المحلات لشراء هدايا لأبيهِ وأخيهِ وأخيها وأبيها فلم يتبقى سوى يومان على عودتهم لمصر , وتحججت بعدم قدرتها على الذهاب معه وعدم فهمها في هدايا الرجال وأنها ستجلب هدايا لوالدته ورندا مساءً أو في اليوم التالي , وقف أمامها قبل نزوله وهو يسألها بحنو :
-عاوزه حاجه يا حبيبتي أجيبها وأنا جاي ؟
نفت برأسها وهي تقول بابتسامه :
-شكرًا , بس هو أنت هتحتاج موبايلك ؟
قطب حاجبيهِ باستغراب وهو يسألها :
-ليه ؟
زفرت بضيق وهي ترفع هاتفها له وتقول :
-إسلام عنده امتحان النهارده وكنت عاوزه أكلمه أطمن عليه بس للأسف فوني فصل شحن ولسه هحطه عالشاحن هيحتاج نص ساعه ولا حاجه على ما يشحن .
أخرج هاتفه وهو يعطيهِ لها ويقول :
-خلاص خدي تلفوني وكده كده مش هتأخر نص ساعه أو ساعه بالكتير وهرجع .
التقطته منه ووقفت تقبل وجنته بابتسامه :
-ميرسي يا صاصا .
-صاصا !
رددها بجبين مقطب فابتسمت له بدلال بالغ وهي تقول :
-بدلعك يا حبيبي وحش ؟
افتر ثغره عن ابتسامه رائعه وهو يقترب منها محيطًا خصرها بحب ونبره عابثه قال :
-أي حاجه منك زي العسل , بقلك ايه هو لازم يعني أنزل اشتري الهدايا النهارده ؟
توترت ملامحها وهي تبعده برفق مغمغمه :
-يلا ياحبيبي انزل هات الهدايا .
جعد ملامحه بضيق وهو يقول :
-ماشي هنزل …
ثم تلاشى ضيقه وهو يغمز لها قائلاً :
-بس هرجع هوا , واوعي تقوليلي أنام زي امبارح .
ابتسمت بتوتر وقالت :
-لا متقلقش .
قبل وجنتها قبل أن يبتعد خارجًا من الجناح بأكمله فتحولت ملامحها كليًا وغمغمت بجمود :
-متقلقش خالص هغير الخطه النهارده .
رفعت هاتفه وفتحته ثم دلفت على جميع مواقع التواصل الإجتماعي تباعًا ولم تجد شئ يخصها ولا يخص غيرها فدلفت ” للواتس آب ” مره أخرى وبحثت في الرسائل المؤرشفه فوجدت ثلاث أرقام بثلاث محادثات كانت تتواصل معه من خلالهم , قام بحذر رقمان والثالث كانت أقدم رساله بهِ أمس قبل اتصالها بهِ , للحق حتى المحادثات المحذوره كانت تقتصر على رسائلها له وتهديدها من وقت لآخر دون أي رد منهُ , ولكن بالمحادثه الحديثه بعث لها برساله نصها ” هنزل مصر قريب , ولو لحد مانزل ما مبطلتيش الي بتعمليه أنا هعرف ازاي أبعدك عني ”
وكان ردها عليهِ ” مش هبعد يا صالح , وأنت مش هتقدر تعمل حاجه يإما هفضحك قدام مراتك وأنت عارف أني أقدر أعملها ”
فرد عليها برساله أخيره ” قولتلك قبل كده لو قربتِ من مراتي أقسملك بالله هخليكِ تلعني اليوم الي عرفتيني فيه , ثم إنك نو كرامه كده ! ده أنتِ حاطه كرامتك تحت رجلك ودايسه عليها , الي كان بينا في يوم انتهى من زمان حتى من قبل جوازي فمتخليش غبائك يصورلك أن بعد ماتجوزت هرجع للعك ده تاني !”
وكانت هذه الرساله قبل نزوله مباشرةً ولم تراها هي بعد , أخذت هاتفه وهاتفها وارتدت ثيابها سريعًا ونزلت لمحل قريب من الفندق قد رأته سابقًا ودلفت للداخل وقالت للعامل :
-لو سمحت أنا عاوزه جهاز تسجيل صوت بس يكون صغير جدًا .
أومئ لها بتفهم وثوانِ وجلب لها مسجل صوتي صغير فأخذته منه ثم قالت :
-أنا لو عاوزه أوصل تليفوني بتليفون تاني بحيث أسمع المكالمات والرسايل توصلني ينفع؟
-تهكري التليفون قصدك ؟
أومأت له بإيجاب فنظر لها بشك التقطته بوضوح فقالت :
-هو تليفون أختي الصغيره وأنا حاسه أنها على علاقه بشاب وخايفه عليها فعاوزه أعمل كده عشان لو في حاجه الحقها .
وصدقها الشاب لأنه رأى الصدق في عيناها وأيضًا لا يبدو على مظهرها الشر أو التلاعب ..
بعد نصف ساعه كانت قد تمت المهمه بنجاح فخرجت سريعًا من المحل قاصده الفندق قبل عودة ” صالح ” وبالفعل وصلت ولم تجده فتنفست الصعداء وهي تدلف للغرفه وتغير ثيابها …
—————–
بعد دقائق كان قد عاد وأخذ يعرض عليها الهدايا وهي تتصنع الإرهاق وفي وسط ما يفعله تركته وركضت للمرحاض تغلق الباب خلفها حينما اتبعها وهو يهتف بإسمها وأخذت تصدر أصواتًا من الداخل تعبر عن تقيئها , وبعد قليل خرجت له بملامح مرهقه بعدما بللت جبهتها بالماء وكأنه عرق ! أسندها سريعًا بقلق بالغ وأخذها للفراش ثم أردف :
-أنا راجع مش هتأخر .
وتركها وخرج ولم يعطي لها فرصه للرد ! ضيقت حاجبيها باستغراب تُرى أين ذهب ! بعد دقاق استمعت لصوت باب الجناح يُفتح ثم دلف لها صالح أولاً وهو يلتقط شال لها لترتديه فوق كنزتها ذات الحملات الرفيعه وهو يقول :
-البسي ده بسرعه الدكتور بره .
ارتعدت أواصلها وهي تنظر له بتفاجئ , طبيب ! ياللورطه !
خرج ليحضر الطبيب الذي دلف بابتسامه وبدأ في فحصها وسؤالها على الأعراض التي تشعر بها والتي قالتها كذبًا بالطبع , وبعد دقائق قليله أنهى فحصها فهتف ” صالح ” بقلق :
-خير يا دكتور ؟
التف له بابتسامه هادئه ومطمئنه وقال :
-أبدًا خير إن شاء الله , تسمحلي بس هعمل مكالمه للمساعده بتاعتي تحت وهرجع .
أومئ له بقلق زياده فخرج الطبيب ثم حول نظره لها فبادلته النظرات القلقه فهي أيضًا لا تعرف ماذا يحدث !
بعد قليل صعدت المساعده الخاصه بهِ ودلفت ل ” ياسمين ” بعدما بقى صالح والطبيب بالخارج وأعطتها شريط صغير وهي تقول :
-ممكن تعملي الإختبار ده .
نظرت لما في يدها بتوتر وتسائلت :
-ده ايه ؟
-اختبار حمل لأن الدكتور شاكك في حمل من الأعراض والكشف المبدأي بس طبعًا لازم نتأكد قبل ما يقول حاجه .
تصلب جسدها بصدمه وهي تستمع لحديثها حمل ! , بالطبع لا , أي حمل هذا والأعراض التي قالتها زائفه من الأساس !
أخذت الإختبار ودلفت المرحاض لتقوم بهِ وهي متأكده من النتيجه , ثوانِ وخرجت لتعطيه للممرضه التي هتفت ما إن رأته :
-شوفي شرطتين , معناهم إن في حمل فعلاً وكشف الدكتور صح , مبروك يامدام , هطلع ابلغ الدكتور .
خرجت تاركه تلك التي تيبس جسدها وعيناها لم تتحرك أنشًا واحده وكأنها لم تسمع ما قالته !
بالخارج ..
خرجت المساعده وهي تقول :
-تشخيصك صح يا دكتور .
نظر صالح للطبيب بحيره وهو يسألها بقلق :
-تشخيص ايه ؟
نظر له الطبيب وهو يقول :
-الحقيقه إني مبحبش أقول تشخيص من غير ما اتأكد وخصوصًا في الوضع الي ذي ده عشان معلقهمش بحاجه مش موجوده , تشخيصي والأعراض الي قالتها المدام كان بيقول إن ده حمل , بس واضح أنه لسه في البدايه عشان نبض الطفل مش واضح ومحسيتش غير بنبض الأم هو الطاغي , عشان كده بعت المساعده تجيب اختبار حمل وخلت المدام تعمله عشان اتأكد من تشخيصي , حاليًا بقى المطلوب منكوا تتابعه مع دكتور نسا فورًا عشان يطمن على وضع الجنين .
جنين ! وهل تحولت اللعبه لحقيقه ! جنين أعلن عن نفسه في وقت غير مناسب تمامًا ! وفي وسط لعبه سخيفه ظهر فجأه ليقلب الموازين ..
قلب مُصــاب بالحب ...الفصل التاسع " تعديل الخطه ! " ..ناهد خالد

حامل ! , كلمه ظلت يتردد صداها في عقلها بعدما خرجت الممرضه وتركتها , طفل لم تكن تعلم بوجوده ولم تشعر بهِ حتى أعلن عن وجوده في وقت مضطرب وعلاقه مذبذبه على الأقل من ناحيتها الآن , لقد كانت تتخبط بالأساس ولا تعرف ماذا عليها أن تفعل فجاء هو ليزيد من تخبطها ويفسد جميع خططها ! , ولكن لحظه لِمَ عليهِ أن يفسد خططها ولِمَ هي تجلس هكذا وكأنها قد وقعت على رأسها مصيبه للتو ! , أنه طفلها الأول هل لها ألا تفرح بوجوده ! أيًا كانت علاقتها بأبيه فهو ابنها ومن حقه عليها أن تسعد بوجوده حتى وإن كانت ترى أن الوقت غير مناسب , رُبما بعد فتره تتحسن علاقتها بصالح وتقرر الإستمرار معه بعدما تتأكد من صدقه حينها لن يبقى لها سوى سوء الذكرى حين علمت بخبر حملها ولم تفرح بهِ , وحتى وإن قررت الإنفصال في النهايه هو إبنها ولا دخل له بمشاكلها مع أبيه ِ .

افتر ثغرها عن إبتسامه هادئه اتسعت شيئًا فشيئًا حتى احتلت وجهها بأكمله ومسدت بكفها على بطنها وهي تردد بعاطفه جياشه :

-هو أنا ازاي محسيتش بوجودك ! بيقولوا الأم بتحس بإبنها من أول ما بيتوجد , بس يمكن عشان متخيلتش إنك هتيجي بالسرعه دي ...مش عارفه , بس أنا مبسوطه أوي بوجودك حاسه أن قلبي هيطير من الفرحه , متفتكرش عشان المشاكل الي حاصله إني هكره وجودك ..أبدًا بالعكس أنت الي هتقويني الفتره الجايه وأيًا كانت النهايه هتكون داعم ليا عشان أكمل ومسمحش لنفسي أنهار , يمكن الي اتغير بوجودك حاجه واحده بس , إني دلوقتِ هحارب عشانك , هحارب حتى لو أبوك نفسه , هحاول على قد ما اقدر أطلع كسبانه وحياتنا تستمر عشانك , حتى لو رجعلها أنا هعرف أزاي أدبه وأرجعه لينا , متستهلش إنك تتولد وتلاقي أبوك وأمك كل واحد في جهه , حتى لو اضطريت إني أفضل بس معاه عشانك ويبقى بالنسبه لي أبو ابني وبس .

أنهت حديثها وهي تتنهد براحه تشعر الآن أنها بوعودها هذه قد أدت واجبها تجاه إبنها الذي للتو اكتشفت وجوده وتاليًا ستسعى لتنفيذ وعودها  .

فُتح الباب بهدوء ودلف للداخل بخطى مرتجفه تمامًا كنبضاته التي خفقت بتوتر واضطراب وفرحه في آنِ واحد , رآها تجلس على الفراش منحنية الرأس لأسفل لا يدري ماذا تفعل أو ماذا بها تحديدًا , وصل أمامها وجلس مقابلها تمامًا ثم همس بأسمها :

-ياسمين .

رفعت رأسها فورًا له وكأنها لم تشعر بوجوده ولا جلوسه أمامها , نظرت له لتجد وجهه متوتر بشده وأعينه لامعه بشئ غير مفهوم , ابتسمت بهدوء له وهي تجيبه :

-نعم .

-هو أنتِ حامل بجد ؟

خرج سؤاله بتوتر بالغ وأعينه قد ظهر بها الآن بعض الدموع التي استطاعت رؤيتها فاختفت ابتسامتها باستغراب شديد ثم أومأت له وهي تقول :
-ايوه , حامل .

وفجأه وجدته يرتمي عليها محتضنًا إياها بقوه حتى أنها استطاعت الشعور بتوتر عضلات جسده بوضوح , ظل هكذا لثوانِ ولم تبخل هي عليهِ هذه المره فرفعت ذراعيها وحاوطته وهي تشعر بتوتره واضطرابه الذي لم تفهم سببه بعد .

ابتعد عنها لترى دموعه واضحه الآن وقد سالت على وجنتيهِ ببطء , فانتفضت ملامحها وتوترت هي الأخرى وهي ترى دموعه وحزن وجهه الواضح فلم تشعر سوى بيدها تمتد لتمسح وجنتيهِ برفق وهي تهمهم باستغراب وقلق :

- في ايه يا صالح ؟ أنت مش فرحان ولا مالك ؟

ابتلع ريقه بصعوبه ثم نظر لها وقال بنبره مهمومه :

-أنا ..أنا خايف .

-خايف !

رددتها بصدمه وهي تطالع وجهه بتمعن , فلم تتوقع أن تستمع لمثل هذه الكلمه منه والآن تحديدًا !

أومئ برأسه عدة مرات قبل أن يتنهد بعمق ويقول :

-خايف ربنا يجازيني في الي جاي , رغم إني توبت بس لسه قلبي قلقان .

رغم فهمها لمغزي حديثه وما يقصده لكنها ادعت عدم الفهم وهي تسأله :

-يجازيك عن ايه ياصالح ؟ أنت كنت بتعمل ايه ؟

عمق نظراته في نظراتها لدقيقه تقريبًا دون رد حتى قال أخيرًا :

-هقولك , صدقيني هحكيلك وكنت ناوي أحكيلك كل حاجه عشان ارتاح بس مستني الوقت المناسب , بعد ما نطمن على البيبي هحكيلك كل حاجه , بس اوعديني تفهميني وتسامحيني .

قال الأخيره بنبره رجاء ظهرت بوضوح فتنهدت هي بتوتر لم تتوقع أبدًا أن يحكي لها صالح عن الأمر بنفسه ! لكنها جمعت رابطة جأشها وهي تقول :

-أوعدك يا صالح حتى لو مش عشانك يبقى عشان الي جاي .

نفى برأسه عدة مرات وهو يقول :

-لأ يا ياسمين , عشاني , عشاني أنا مش عشانه , عشان حبنا وعشان حياتنا مع بعض .

ابتسمت له بسمة اطمئنان وهي تقول :

-هحاول .

---------- ( ناهد خالد )---------------

-لا تمام الجنين حالته كويسه وتقدري تتحركي براحتك بس بحذر طبعًا وكمان أي تقارب بينكم ممنوع لحد الشهر الثالث .

كانت تلك كلمات الطبيبه التي لجأو لها لفحصها هي والجنين فأردفت " ياسمين " بتساؤل :

-هو الحمل في الأسبوع الكام ؟

-الحمل بكره هيتم شهر .

قطبت " ياسمين " حاجبيها بدهشه وهي تردد :

-ايوه بس احنا متجوزين بقالنا شهر ويومين تلاته يعني...

قاطعتها الطبيبه بابتسامه وهي تقول :

-وايه المانع ! الحمل ممكن يحصل من أول مره .

هنا تحدث " صالح " خارجًا عن صمته وهو يسألها :

-احنا عندنا ميعاد طياره بكره المفروض نرجع مصر , هينفع نرجع ؟

نفت الطبيبه برأسها وهي تقول برفض :

-لا طبعًا , حضرتك بقول الحركه بحذر تقول سفر ودوامات هوائيه ! لأ طبعًا مش هينفع قبل نهاية الشهر الثاني عالأقل وده حسب كشفي على حالة المدام وقتها لكن بعد الثالث تقدروا تسافروا وأنتوا مطمنين .

نظرا لبعضهما بصدمه هل سيضطران للبقاء هنا شهران آخران ! وعن ياسمين فكانت تفكر في شئ آخر هل ستظل في حيرتها وقلقها هذا  لمدة شهران !؟

خرجا من عند الطبيبه بصمت دام حتى وصولهما الفندق وكلاً منهما شارد في أفكاره حتى قطع " صالح " الصمت وهو يقول لها :

-حبيبتي تعالي نتغدى , احنا الغدا فاتنا وأكيد جعانه .

لم تستمع له وهي منغمسه في أفكارها فأمسك يدها يوقفها وهو يناديها :

-ياسمين !

انتبهت لنداءه لها فردت :

-نعم .

-مالك يا حبيبتي سرحانه في ايه ؟

زفرت بضيق وهي تقول :

-هسرح في ايه يا صالح ! في اللغبطه الي حصلت هنضطر نقعد هنا كل ده طب وشغلك و.....

قاطعها مبتسمًا وهو يقول :

-تعالي بس نروح المطعم ونتكلم هناك .

في المطعم ...

بعدما طلبوا ما أرادوه نظر لها وهو يقول مبتسمًا :

-كنتِ بتقولي شغلي ! شغل ايه بس الي بتتكلمي عنه هو يعني شغلي أهم من سلامتك أنتِ وابني !

صمت فجأه مبتسمًا باتساع وهو يردد بأعين لامعه :

-ابني ! , كلمه حلوه اوي يا ياسمين متوقعتش إني ممكن ييجي يوم وأقولها , أنا ...أنا حاسس إني مبسوط أوي لدرجة إني مش عارف أعبر عن فرحتي .

-ايوه بس شغلك ...

قاطعها قائلاً :

-متشغليش بالك هكلم بابا وهو هيتصرف , المهم هناكل دلوقتِ ونطلع عشان ترتاحي ومن النهارده مش عاوزك ترهقي نفسك في اي حاجه .

-----------------------

قالها وقد كان يعنيها حقًا فمنذُ ذلك اليوم وحتى الآن رغم مرور شهر ونصف كاملين لم يهتم بشيئًا سواها هي , يهتم براحتها وطعامها ودوائها وسعادتها , فلم ينفك عن مفاجأتها بأشياء تحبها كسهره رائعه في أحد المطاعم مع جو شاعري أروع , والكثير من باقات الورود التي تحبذها , والأكثر من التدليل وإغداق مشاعره عليها , في حين كانت تراقب هي ما يصل له من رسائل ومكالمات من تلك المدعوه " مُنى " ولم يتغير أسلوب " صالح " المُتبع معها من تجاهل للرسائل والمكالمات لتهديد ووعيد إن لم تكف عن ما تفعله , فهدأ هذا من قلقها وثوران مشاعرها بطريقه أو بأخرى .

-------------

-كفايه ياصالح مبقتش قادره أكل أكتر من كده !

قالتها " ياسمين " بتذمر وهو يجلسها بجواره تكاد تكون ملتصقه بهِ ويحرص على إطعامها كل الطعام تقريبًا , تأفأف بنفاذ صبر وهو يقول :

-قلتلك طيارتنا بعد ساعتين وهنتحرك على المطار كمان شويه عاوزه تتحركي وتروحي وتيجي من غير أكل ! وكمان عشان دوا الفيتامينات .

-ايوه ما أنا أكلت لكن أنت كده بتزغطني ! وبعدين ما في أكل في الطياره .

-أكل الطياره ده غدا , لكن ده فطار الي حضرتك اتأخرتِ فيه النهارده عشان مكسله تصحي .

هتفت برجاء :

-طيب عشان خاطري كفايه والله مبقتش قادره .

استسلم لإلحاحها وقال :

-ماشي , يلا بقى خدي الدوا وقومي البسي عشان ننزل .

دلفت للداخل بعدما ناولها الدواء لتغير ثيابها فاستمعت لنغمه مخصصه صدرت من هاتفها فركضت سريعًا تجاهه تتفحصه حتى وجدت رساله من " مُني " ل " صالح " تبعتها رساله أخرى من " صالح " يقول فيها :

" أنا نازل مصر النهارده , بكره بليل نتقابل في كافيه ****** الساعه 9 "

فأتاه رد " مُنى " وهي تقول :

" هستناك أكيد "

أغلقت هاتفها وهي تنظر للفراغ أمامها فيبدو أن الحكايه على وشك الإنتهاء وستُعلن نهاية هذه القصه السخيفه غدًا , ولكن السؤال هل هي قادره على تقبل تلك النهايه أيًا كانت !؟
قلب مُصاب بالحب ...الفصل العاشر " وزال الخطر "

جالسه كالجالس على جمر من النار , وكيف لها أن تهدأ وهي تعرف أن زوجها خرج ليقابل أخرى الآن , ورُبما يُجدد علاقته بها , حالها الآن كحال الكثير ..كحال من ينتظر نتيجة العام الدراسي في المرحله الثانويه ليُحدد مستقبله , كمن ينتظر نتيجة التحاليل ليطمئن أنه لا يحمل المرض الخبيث كما توقع الطبيب , كسيده تنتظر أن يحدثوها ليبشروها بحملها بعد سنوات من الصبر والحرمان , جميع هؤلاء يجتمعون بها الآن , تذكرت ما بذلته من مجهود وهو يحدثها قبل خروجه معللاً أن لديهِ أمر هام , تصنعت كما تفعل منذُ شهران تقريبًا , ليس شئ جديد عليها , حتى وإن كان الأمر أصعب الآن , ولم تنسى وضع مُسجل الصوت الصغير في ثيابه قبل خروجه دون أن يشعر , وها هي الآن تجلس وهاتفها متصل بذلك المسجل فتستمع من خلاله لكل شئ يحدث معه حتى صوت السياره , وأعصابها قاربت على التلف , وأخيرًا بدأت تستمع لأصعب مشهد في القصه وأكثرهم إثاره لأعصابها وهي تسمع غريمتها ترحب بهِ .....

أما في الجهه الأخرى ...وصل للمقهى المحدد ودلف للداخل فرآها تجلس على أحد الطاولات بإنتظاره فتحرك تجاهها بهدوء تام حتى أصبح أمامها فوقفت مقابله وهي تهتف بابتسامه واسعه :

-اووه , متتخيلش وحشتني طلتك قد ايه يا صالح .

ابتسم بهدوء وهو يمد كفهِ ليصافحها وقال :

-ازيك يا مُنى ؟

لمعت عيناها بحماسه وهي تجيبه :

- كويسه جدًا بعد ما شوفتك .

جلس بهدوء وهكذا فعلت هي في حين أخرج هو هاتفه ومفاتيح سيارته ووضعهما على الطاوله أمامه بهدوء وهو يسألها :

-طلبتِ حاجه ؟

أجابته بدلال :

-تؤ , مستنياك نطلب سوا .

أومئ برأسه وهو يقول :

-تمام , هتطلبي أيه ؟

-ممكن أيس كوفي .

أشار للنادل الذي جاء له سريعًا فقال :

-واحد أيس كوفي وواحد قهوه ساده .

-تحت أمرك يافندم .
1

قالها النادل باحترام قبل أن ينصرف تاركًا لهما المجال للحديث , نظر لها " صالح " وهو يبدأ فيما جاء من أجله :

-وبعدين يا مُنى , هتفضلي تلفي ورايا لحد امتى ؟

تحولت ملامحها للحزن وهي تجيبه :

-صالح أنا مش عارفه أنساك , ومش قادره أستوعب أنك خرجت من حياتي .

دقق النظر فيها لفتره حتى توترت من نظراته قبل أن يقول بقوه :

-أنتِ واهمه نفسك , ده إذا كنتِ فعلاً مصدقه حوار أنك مش قادره تنسيني ده , مُنى أنتِ بس مش قادره تستوعبِ أن أنا الي سبتك مش العكس , وأراهنك أنك بتكدبي على صحباتك ومفهماهم أننا لسه بنتكلم .

توترت ملامحها وتلجلجت في الحديث وهي تقول :

-أنا بس ..يعني محبتش اقولهم عشان هي فتره وهنرجع لبعض أنا واثقه .

سألها بهدوء تام :

-وايه الي خلاكِ واثقه ؟

أسبلت عيناها وهي تقول بنبره رقيقه وكفها تمتد لتحتضن كفه الموضوع فوق الطاوله :

-عشان أنا مش مجرد واحده عدت في حياتك يا صالح , أنا واثقه أنك بتشتاقلي وبيوحشك خروجتنا وكلامنا وسهرنا زمان , وغير إعجابك بيا الي متقدرش تنكره , تنكر أنك أوقات بيبقى نفسك تكلمني وتقولي يلا ننزل أو تعالي نتقابل تنكر ؟

صمت لدقيقه تقريبًا دون رد , دقيقه كانت كافيه لإنهيار أعصاب تلك التي تنتظر إجابته على أحر من الجمر وتخشى أن يكون حديث الآخرى قد أثر بهِ وأن يكون صحيح , حتى استمعت له يقول بنبره بدت حائره :

-حتى لو , مبقاش ينفع أنا حاليًا متجوز ومينفعش يكون ليا علاقه بيكِ .

هتفت بضيق واضح :

-واتجوزتها ليه أصلا ً ! وعمومًا سهله طلقها .

ردد باستنكار :

-أطلقها !.

أومأت وهي تقول بإصرار:

-ايوه طلقها , صالح حياة المتجوزين الخنيقه دي مش ليك صدقني , أنت طول عمرك حر مش هتيجي دلوقتِ تربط نفسك بواحده طول العمر !

زفر أنفاسه بضيق وهو يجيبها :

-ايوه بس ...أصلها بنت عمي وموضوع الطلاق ده صعب جدًا هي مش واحده غريبه عشان أطلقها ويبقى كل واحد راح لحاله كمان هي معملتش ليا حاجه وحشه بالعكس .

نفضت شعرها للوراء وهي تذم شفتيها قائله :

-مش لازم تعمل وحش , أنت مش مرتاح وده سبب كافي , أو ممكن تتلكك لها وتعمل مشاكل معها وهي بنفسها مع الوقت هتطلب الطلاق .

نظر لها بحيره ثم سألها بشرود :

-تفتكري ؟

أومأت له بحماس شديد ثم قالت :

-Of course , أكيد مش هتستحمل طريقتك معاها .

نظر لها بتفكير وهو يقول :

-وبعد ما اطلقها !

رفعت منكبيها ببرود وهي تقول :

-هتعيش حر ولنفسك .

-لا قصدي احنا هيبقى الوضع بينا ازاي ؟

-هنرجع زي ما كنا الأول .

رفع حاجبيهِ بدهشه وهو يقول :

-يعني مش عاوزانا نتجوز مثلاً ! أنا فكرتك بتعملي كل ده عشان اتجوزك !

ضحكت بشده وهي تنظر له باستنكار ثم قالت :

-صالح بتهزر ! أنا اتجوز ! no way " مستحيل " طبعًا , أنا مليش في خنقة الجواز دي , أنا هفضل كده خروجات مع الشله وسفر وحفلات this's my life " هذه حياتي " .

سحبت نفس عميق بصعوبه بالغه , تشعر وكأن أحدهم يطبق بكفهِ على عنقها فيمنع تنفسها ودموعها تنهار بصمت كمجرى شلال مائي دون توقف , وهنا أتى بعقلها سؤال واحد هل ستستطيع أن تفي بوعدها لإبنها وتحارب من أجله ؟ هل بعد ما سمعته ستستطيع أن تدافع عن زوجها وأحقيتها فيه !, الأمر ليس بالسهوله التي توقعتها , بل أصعب بكثير , تشعر أن عقلها قد انفصل عن جسدها فأصبح متيبس لا تستطيع تحريكه حتى ناهيك عن ذلك الألم القوي الذي تشعر بهِ في قلبها ولأول مره تعلم ما معنى أن يؤلمك قلبك .

انتظر صالح حتى انتهى النادل من وضع المشروبات وذهب فنظر لها وهو يقول ببرود :

-يعني بقالك حوالي 3 شهور بتلفي ورايا ومكالمات ورسايل وتهديد وكل ده وفي الآخر تقوليلي لا طبعًا جواز ايه وكمان عاوزاني أطلق مراتي ! , ده أنتِ مريضه .

اتسعت عيناها ذهولاً وهي تردد بصدمه :

-صالح أنت .....

صمتت وجسدها قد ارتجف حين وقعت عيناها على من دلف للتو من باب المقهى يسير في اتجاههم فوقفت بفزع شديد وهي تغمغم :

-بابا !

اتجه لها والدها بملامح تصرخ غضبًا حتى أصبح أمامهما فقبض على ذراعها بعنف وهو ينهرها :

-بقى أنتِ عماله تلفي ورا الرجاله زي ال **** , وبتخربي بيوتهم كمان , وأنا الي كل ما قولك أوعي يكوني ليكِ علاقه بشباب تقوليلي متقلقش يابابي دول صحباتي البنات بس , بقى أنتِ يطلع منك كل ده !

أدمعت عيناها بخوف وهي تهمس له بشفاه مرتعشه :

-بابا أنا ....

قاطعها بحده :

-اخرسي , كلامنا في البيت وأنا هعرف ازاي أعيد تربيتك من جديد .

حول نظره لصالح وهو يقول بخزي :

-أنا متأسف يا بشمهندس لأني مصدقتكش وفكرتك بتكدب عليا لما حكتلي الي بتعمله , مش هقدر ألومك على علاقتك بيها في الأول لأنها هي الي سمحتلك بده , بس من واجبي اعتذر إني معرفتش أربيها وانشغلت عنها لحد ما فسدت .

تنهد " صالح " بضيق وهو يقول :

-أنا الي متأسف إني حطيت حضرتك في موقف زي ده , ومتأسف كمان على علاقتي بيها من الأول وعارف إني غلطان , وصدقني لولا أنها بتهدد حياتي واستقراري ومش قابله أنها تبعد عني رغم إني حذرتها كتير عمري ما كنت هحطك في الموقف ده بس مكنش قدامي حل تاني .

نظر ل " مُنى " باعتذار حقيقي وهو يرى الذعر المرتسم فوق ملامحها بوضوح :

-أنا عمري ما اتمنيت أدخل والدك في الموضوع بس أنتِ الي اضطرتيني بدل ما كنت أأذيكِ عشان معنديش استعداد 1 % أني أخسر مراتي بسببك , أنا قلتلك أني بحبها وأني مستكفي بيها عن كل العك الي كنت بعمله بس أنتِ مستوعبتيش ده , أنا آسف .

أنهى حديثه وذهب من أمامها تاركًا إياهم وتاركًا قصتها بأكملها خلفه، وأخيرًا يشعر أن الخطر الذي يهدد حياته قد زال .

نظرت لوالدها برعب وهي تنتظر ما سيفعله معها فوجدته ينظر لها بنظره ظهر بها العتاب وهو يقول :

-عجبك كده , شوفتِ الموقف الي حطتيني فيه , أنا بجد مصدوم فيكِ .

انهمرت دموعها وهي تهمس له :

-بابا ..أنا آس....

قاطعها وهو يُكمل حديثه :

-أمك كان معاها حق لما قالتلي أن وجودك معاها أفضل وإنها هتاخد بالها منك أكتر مني , بس من هنا ورايح مش هسمح لأي حاجه تشغلني عن تربيتك من أول وجديد .

أنهى حديثه وهو يجذبها خلفه خارجًا من المكان بأكمله حتى وصل بها لسيارته وهناك تحديدًا انفجرت هي بهِ وهي تقول ببكاء :

-أنت بتحاسبني على ايه ! بتحاسبني على ذنب أنتوا السبب فيه ! لا قدرتوا تكملوا عشاني ولا وافقت أبقى مع أمي زي ماهي كانت عاوزه , ولا حتى اهتمت بيا , أنت عارف أنت بتسافر كام مره في السنه وبتسبني بالأسابيع لوحدي ! عارف أنا كام مره احتجت مامي عشان أكلمها وأحكيلها عن حاجات تخصني حاجات عمري ما هقدر أقولهالك ولا هتنفع في الفون , بتريح ضميرك بزياره ليها كل سنه مره !أنا مش محتاجه أشوف أمي مره في السنه , مش محتاجه أقضي معاها شهر من 12 شهر بيعدوا عليا , ليه مسبتنيش أسافر معاها , هناك الدنيا متفتحه أكتر بس أنت عارف هي كانت هتحافظ عليا ازاي , عالأقل كانت هتبقى جنبي .

نظر لها بصدمه وهو يستمع لحديثها , وللأسف إنها محقه , رفض سفرها مع والدتها ل " فرنسا " حيث مسقط رأسها , ولم يستطع أن يبقى معها طوال الوقت , حرمها من حنان ورعاية والدتها ولم يوفر هو لها ما حُرمت منهِ , تُرى أأصبح هو المذنب الآن ؟

-أنا مكنتش بلاقي حد أكلمه ولا حد يسمعني ولا حد يهتم ليا , صحابي عارفني بس عشان الفلوس مش أكتر وبعد كده مبيفتكرونيش , صالح كان بيهتم بيا وبيسأل عني , بيعملي الي يفرحني , عشان كده استمريت في علاقتي معاه ومتقبلتش فكرت أنه يبعد , عشان هو عوضني عنك .

وكم كانت جملتها الأخيره مؤلمه , كالصفعه التي تلقاها ليدرك أنه من خسر أبنته وإن كان هناك مذنب فهو المذنب الأول حتى وإن تحملت هي جزء من الذنب , درس قاسي لكلاهما لكنه جاء في وقته قبل فوات الأوان .

--------( ناهد خالد )-------------

كالفراشه التي تتسلل بين الزهور مُحلقه بسعاده في فصل الربيع المنعش لها , كفتاه ترقص أسفل المطر دون اهتمام ببرودة الشتاء القاسيه , كعازف يستمتع وهو يعزف ألحانًا تنطق بالحب لحبيبًا حاضرًا , ككل شئ جميل كانت هي الآن وسبحان من بدل حال بحال , منذُ دقائق كانت تتلوى ألمًا والآن ترقص سعادةً , أنتهت من تمشيط شعرها وارتدت فستان ضيق أبرز منحنياتها بوضوح من اللون الأحمر الذي يفضله عليها , ونثرت القليل من عطرها الذي يسحره ,قبل أن تركض للنافذه حين استمعت لصوت سيارته بالأسفل , منذُ سماعها ما حدث وهي تشعر بعاطفة حب جياشه تملأ صدرها تجاهه , فانطلقت تجهز نفسها لأستقباله بكل الحب الذي يكمن في قلبها له , استمعت لصوت الباب يُفتح وتبعه بعد ثوانِ دلوفه للغرفه لكنه توقف مبهورًا بجمالها حين وقع نظره عليها , فاقتربت هي منه ورفعت ذراعيها تحيط عنقه وهي تهمس له بشفتاها المطليه بالحمره :

-بحبك يا صاصا .

ابتلع ريقه بصعوبه وهو يطالع وجهها ويستمع لهمسها المُغري لقديس , ثم أنزل ذراعيها ببطئ وهو يتحاشى النظر لها فطالعته باستغراب وهي تسأله بتهجم :

-ده ايه ده بقى !

أبعد خصلات شعرها للخلف وهو يقول بابتسامه متوتره :

-عاوز أتكلم معاكِ في موضوع مهم جدًا , وطول ما أنتِ قريبه لا هتكلم ولا هنطق , ممكن نتكلم وبعدها أنا الي مش هطلعك من حضني أصلاً , أنا ما صدقت إن حصار الدكتوره اتفك .

أحمر وجهها بخجل وهي تهتف بتلعثم :

- أنا مش قصدي الي بتقوله ده على فكره أنا بس استغربت أنك بتبعدني عنك .

سألها بعبث :

-وأنا قولت ايه ؟

رفعت أنظارها له وهي تردد مُحذره :

-صالح !

أجابها وهو يسحبها للأريكه الموجوده بالغرفه :

-عيون صالح , تعالي بس نقول الكلمتين قبل ما أفقد أعصابي .

جلس وأجلسها بجواره فنظرت له بترقب وخاصًة وهي ترى توتره الواضح في حين زفر هو بضيق وقال :

-قولتلك قبل كده أني هحكيلك ليه خوفت لما عرفت بحملك , ودلوقتِ جه الوقت المناسب الي أقولك فيه .

احتبست أنفاسها هي الأخرى وهي ترى أن وقت المواجهه قد حان ...
قلب مُصــاب بالحب ....الفصل الأخير " مجرد بدايه " ..ناهد خالد

لحظة المواجهه حين تكشف جميع أوراقك مهما استعددت لها تكن صعبه , القلق من ردة فعل من تواجهه , والخزي من أفعالك إن كنت تعلم أنك مُخطئ , لحظه تحاول تأخيرها قدر المُستطاع ولكن يأتي وقت لا تجد للتأخير سبيلاً , احتاج لدقائق قليله حتى استجمع نفسه وبدأ في حديثه :

-أنا بصراحه مش عارف أبدأ منين ومش عارف أصلاً هقول الي أنا عاوزه ازاي .

بدى كطفل صغير على وشك الإعتراف لوالدته بُجرم قد ارتكبه فلا يعرف أين نقطة البدأ , حتى ملامحه كانت هكذا تمامًا بتوترها و لجلجته في الحديث وبعض حبيبات العرق التي بدأت تظهر على جبهته لتوشي بمدى قلقه وتوتره .

رأت ما يمر بهِ بوضوح وشعرت بهِ فوجدت ذاتها تبتسم له بإطمئنان ثم جذبته من ذراعه لتجعله يتمدد فوق الأريكه بعدما فردت رجليها كي تكون مريحه له وأراحت رأسه على فخذها وقالت بنبره دافئه في حين امتدت أصابعها تتخلل شعره كي تكسبه بعض الهدوء :

-ابدأ من فين ما تحب , واتكلم زي ما الكلام يطلع معاك وكأنك بتتكلم مع نفسك وأنا هسمعك .

كسقوط الماء على قماشه مشتعله بالنيران فأطفأتها تمامًا هكذا شعر هو بعد ما فعلته وبعد حديثها ونبرتها التي بعثت الإطمئنان بداخله :

-أنا كان ليا علاقات كتير بالبنات قبل ما أخطبك وكانت أكتر واحده بتستمر علاقتي بيها شهر بالكتير , كان الموضوع بالنسبه لي تسليه وتقضية وقت لطيف مش أكتر في خروج أو في مكالمه وهكذا , حتى بعد ما خطبتك , برضو فضلت الفتره الي كنت بتعامل فيها معاكِ وحش دي بعرف بنات وعلاقاتي مستمره , يمكن عشان أنتِ مكنتيش اختياري وكنتِ اختيار جيجي ويمكن عشان أنا مكنتش شايفك غير مجرد زوجه مناسبه ولما أحب اتجوز واستقر مش هلاقي أنسب منك , ووقتها قررت أني حتى بعد الجواز علاقاتي هتستمر عادي ...مكنتش شايف أن دي خيانه وكنت شايفها حريه وأني أفك عن نفسي شويه من جو الجواز وأن يبقى معايا ست واحده أفضل شايفها طول الوقت ومخرجش مع غيرها ومكلمش غيرها , ده كان تفكيري وقتها كان تفكير عقيم ومش سوي أكيد ويمكن كنت طايش ومش عارف يعني أيه هبقى ملزوم من بيت وفي زوجه ملزومه مني مينفعش أبدًا أفضل مضيع وقتي في الهبل ده , ورندا كانت دايمًا بتنتقضني وبتقولي إن هييجي وقت وهندم , لحد ما اقترحت عليا أقرب منك وأشوف إذا كانت حياتنا هتبقى لطيفه ولا هيبقى في مشاكل قبل ما يحصل جواز وارجع أقول مش مكمل , وفعلاً عملت كده خصوصًا بعد جوابك , ووقتها شوفت أنا قد ايه كنت معمي وكنت فعلاً هندم لو ضيعتك من ايدي بغبائي , ولاقيت نفسي بحبك ...

رفع نظره لها ليرى الهدوء يحتل وجهها حتى نظرة عيناها هادئه عكس نظرة عيناه التي أصبحت تشع حبًا الآن وهو يُكمل :

-حبيت نظرة عيناكِ وأنتِ بتتكلمي بحماس عن حاجه , ووأنتِ بتبصيلي وكأني دنيتك كلها , حتى وأنتِ زعلانه وبتحاولي تداري زعلك , حبيت صوتك الي بقيت أحس إني بسمعه بقلبي مش بودني , وبقيت عاوز أقعد معاكِ عشان أنتِ بس الي تتكلمي وأسمعك حتى لو حاجه تافهه ملهاش أي لازمه المهم أني بسمعك , حسيت وقتها إني بشمئز من نفسي لما بفكر في غيرك أو أقعد مع غيرك حتى النظره الي بتطلع من عيني لواحده غيرك بحسها نار بتكوي في قلبي وبستحقر نفسي أكتر ...

صمت قليلاً ثم بدأ بسرد ما حدث له منذُ تعرف على " ديانا " حتى انتهاء علاقته بها وأكمل ..

-ومن بعدها وكل العك الي كان في حياتي أنتهى ومبقاش فيها غيرك , حتى لما بكون في مكان مبقتش أهتم بأي واحده مهما كان جمالها , عكس الأول طبعًا , بقيت مستكفي بيكِ وبس , وكل ده كان عشان حبيتك بجد , لحد فرحنا ووقتها شوفت مُنى تاني ودي الي كنت اعرفها قبل ما اشوف ديانا , وبدأت تلف حواليا عشان ترجع علاقتنا وتهددني إنها هتبلغك , وكانت كل ما تكلمني أعملها بلوك وترجع تكلمني من رقم تاني وفضلت كده لحد ما رجعنا والنهارده قابلتها , كنت كلمت والدها امبارح بعد ما قلت لعلي عليه وجابلي رقمه لأنه رجل أعمال معروف , وطبعًا هو مصدقنيش وقالي إن مستحيل بنتي تعمل كده وأكيد أنت بتتبلى عليها عشان تستفزني وتاخد فلوس , بس لما عرفته بنفسي عرف إني أكيد مش محتاج لفلوسه , ووقتها اتفقت معاه إني هسجل كلامي معاها لما أقابلها عشان يتأكد من إني مش بتبلى عليها , وفعلاً سمع كلامنا الي اعترفت بيه أنها بتلف ورايا وعاوزاني أطلق مراتي وعلاقتنا ترجع زي الأول وطبعًا هو سمع كل ده , مكنتش اتمنى أعمل كده لأنها في النهايه بنت وأكيد الموقف ده عمرها ما هتنساه لما باباها عرف الي بتعمله ونظرته ليها بس مكنش قدامي حل تاني , مكنش عندي استعداد أجازف بعلاقتي بيكِ أيًا كان السبب .

أنهى حديثه ونظر لها بصمت ينتظر رد فعلها فقالت بهدوء خارجه عن صمتها :

-ليه بتقولي دلوقتِ ؟ أنت قولتلي هقولك بعد ما نطمن على البيبي ومقلتش وقتها .

-عشان مكنتش لسه نهيت علاقتي بيها وخلصت من زنها , مكنش ينفع أصارحك وأقولك إن في واحده منهم لسه بتجري ورايا وبتحاول ترجع علاقتنا عشان كده قلت استنى لما أنهي موضوعها .

أومأت بتفهم ثم قالت :

-وليه قررت تغير من نفسك ؟ , ليه سيبت الي كنت بتعمله ؟ ومتقولش حب عشان في كتير بيحبوا برضو بس مبيعرفوش يتغيروا عشان الي بيحبوه , في الي عصبي وعصبيته بتأذي الي بيحبها ومش قادر يتغير , وفي الي دايمًا مشغول ومبيهتمش رغم برضو إنه كده بييجي على الي بيحبها وبرضو مش عارف يتغير , وفي برضو الي بتاع بنات ورغم أنه حب مش عارف يبطل عادته .

قالت جملتها الأخيره وهي تنظر له نظره ذات مغزى فاعتدل جالسًا وهو يتنهد بعمق قبل أن ينظر لها وهو يقول :

-محبوش ...كل دول محبوش بجد , صدقيني لو حبوا بجد هيتغيروا , مش كل الحب حقيقي ولا كل الحب الي يتقال عليه حب , في حب زائف بيوهموا نفسهم بيه , مجرد مشاعر حلوه جواهم فبيقولوا عليها حب , الي بيحب بجد بيتغير من نفسه قبل حتى ما الطرف التاني يطلب , بيشمئز من نفسه لو عمل حاجه غلط في حق التاني حتى لو التاني معرفش بيها , بيغير كل طباعه الي ممكن تأذي الي بيحبه , الي بيحب بجد بيعمل أي حاجه مهما كانت مستحيله .

أومأت برأسها عدة مرات قبل أن تردف وهي تنظر في عيناه بقوه :

-وأنا عشان بحبك بجد استحملت وصبرت , حتى المواجهه مرضيتش أواجهك إلا لما أشوفك هتعمل ايه , كان في حاجه جوايا بتقولي إنك عمرك ما هتكون خاين ولا هيكون حبك الي ظهرته ليا مزيف , وكان في حاجه تانيه رعباني إنك تضعف وتقبل بالخيانه وتستغل إني معرفش حاجه , ولما عرفت بحملي حسيت إن ربنا بيديني سبب عشان أتمسك بيك أكتر , بس لو كنت عرفت إنك رجعتلها صدقني كنت همسحك من حياتي وكأنك ممرتش عليا في يوم .

لا مانع من بعض الكذب لإثارة الرعب بداخله , بالطبع لم تكن ستفعل هذا , فقد قررت أن تتمسك بهِ وتُعيده لها ولإبنه ولكن بالتأكيد لن تخبره بهذا ليفعل ما يحلى له مستقبلاً !

قطب ما بين حاجبيهِ بعدم فهم وهو يقول بذهول :

-أنا مش فاهم حاجه !

رفعت حاجبها الأيمن بسخريه وهي تقول :

-أصل مُنى هانم كلمتني وعرفتني بكل حاجه بينكوا وإنك ما شاء الله كنت مبدع قبل الجواز .

تصلبت ملامحه بصدمه وهو يسألها بعدم تصديق :

-أنتِ كنتِ عارفه !!! , معقول كنتِ عارفه واتعاملتي معايا عادي ؟!!!

التوى جانب فمها بابتسامه ماكره وهي تردد :

-الست لما تحط حاجه في دماغها بتعملها حتى لو كانت نار بتحرقها من جوه , وأنا رغم كل الي كان جوايا كنت مُصره مدخلش ولا أواجهك لحد ما أشوفك هتتصرف ازاي , اوعى تستهون بعقلنا يا صالح , أنا كنت هبقى غبيه لو جريت وواجهتك طبيعي كنت هتعتذر وتبينلي أنك ندمان وتوعدني إنها آخر مره وياعالم تعمل ايه من ورايا , لو كنت رجعتلها كان هيبقى مفيش منك فايده وحياتنا مستحيله , بس كويس أنك فوقت قبل ماتندم زي ما رندا قالتلك .

فاق من صدمته وهو يسألها باستغراب :

-طب وكنتِ هتعرفي منين إني رجعتلها ؟

اقتربت منه حتى وضعت كفها على ذقنه تتلمسها بعبث وهي تغمز له :

-أساليب حواء بقى .

لن تخبره بما فعلته لسببان أولهما كي لا تكشف طرقها في التجسس عليهِ والوصول للحقيقه رغم قررها أن تلغي تجسسها على هاتفه من هاتفها فلن تبقى طوال عمرها تراقبه وتشك بهِ لابد أن تعطيه بعض الثقه ، وثانيها كي لا تُشعره أن ثقتها بهِ قد انعدمت , تريد أن تشعره أنها لم تفقد الثقه بهِ حتى بعد ما عرفته لتزيد من المسؤليه فوق عاتقه وبالفعل قالت بجديه وهي تبتعد عنه :

-أنا وثقت فيك يا صالح في أصعب وقت ممكن أعرف فيه يعنى ايه ثقه أصلاً ولآخر لحظه قلت إنك أكيد مش هتخوني وتكسر ثقتي فيك , ياريت تكون قد ثقتي دي ومتعملش أي حاجه في المستقبل تخسرها بيها .

رفع كفيهِ يحتضن وجهها وهو يقول بصدق :

-أوعدك عمري ما هخسر ثقتك دي , يوم فرحنا وعدت عمي إني يوم ما مقدرش أحافظ عليكِ هرجعك له , وكنت قاصد بوعدي الموضوع ده , وأنا بجدد وعدي دلوقتي ليكِ , حتى لو عملت حاجه أنتِ متعرفيش عنها برضو وقتها أنا الي هسيبك لأنك متستهليش إني أخدعك أو أخونك .

اقتربت منهِ وهي تندس بين أحضانه واستقبلها هو برحابه بينما استمع لها تهمس بدلال :

-يعني أنت استكفيت بيا ؟

أفتر ثغره عن ابتسامه واسعه بعدما استمع لها وهمس بتنهيده :

-استكفيت بيكِ عن جنس حواء كله .

اتسعت ابتسامتها وشعر هو بها فشدد من إحتضانها وهو يزفر أنفاسه براحه شديده لا يصدق أن الأمر قد مرَ بسلام , والفضل يعود لإخلاصه وصدقه وإلا لكان يعض على أصابعهِ من الندم الآن .

أردف بعدما انحنى قليلاً يقبل رأسها بعمق :

-دي مجرد بدايه ..بدايه لحياه جديده مفيهاش أسرار ولا كذب , حياه مبنيه على الحب والصدق وبس .

هزت رأسها موافقه على حديثه وهي تردد بسعاده في حين راحت يدها تتلمس بطنها :

-مجرد بدايه ......

------------------( ناهد خالد )-------------------

أنتهى من تبديل ثيابه بعدما عاد من العمل مبكرًا اليوم من أجل زفاف أخيهِ الذي سيبدأ بعد عدة ساعات , انطلق يفتح باب الشقه ليُصدم بصعود زوجته بأنفاس متقطعه وهي تحمل ملابس مُغلفه بالأقمشه , فخرج صوته ينهرها بشده :

-أنتِ بتستهبلي يا ياسمين أنتِ ازاي تطلعي بالي شيلاه ده !

أنهى حديثه وهو يلتقطهم منها بيد واليد الأخرى مدها لها فاستندت عليها بإرهاق حتى دلفا الشقه فأسرعت ترتمي فوق الأريكه تلتقط أنفاسها بصعوبه , وضع ما بيده واتجه لها بملامح غاضبه وهو يردف :

-أنا كام مره قولتلك لما تبقي طالعه متشليش حاجه مش كفايه السلم ! احنا في الدور الرابع على فكره مش التاني !

هدأت أنفاسها فقالت بتبرير :

-المكوجي بعت البدله والفستان بتوعنا وانا تحت وملقتش حد يطلعهم إسلام راح يزين العربيه وعلي راح يوصل رندا البيوتي سينتر , أسيبهم تحت !

-ماتصلتيش عليا أنزل أخدهم ليه ما أنتِ شايفاني وأنا جاي ؟

-صعبت عليا أنزلك تاني يا صالح , وبعدين أنت من الصبح في الشغل ولسه جاي وهتنزل تروح الفندق عشان تتأكد إن كل حاجه تمام وبعدها طول الفرح مش هتقعد وأنت بتستقبل الضيوف , فقلت مش مشكله اشيلهم أنا .

اقترب منها حتى جلس بجوارها وقال بنبره جاهد لتخرج هادئه وهو يحتضن كفها :

-ياسمين بلاش إهمال في حاجه تخصك أو تخص إبننا , أنتِ آه في الشهر الخامس بس الدكتوره محذراكِ من أي مجهود زياده كفايه نسبة الأنيميا العاليه الي عندك ومش عاوز تتظبط دي , ومتستهونيش أنك تطلعي أربع أدوار وأنتِ شايله كمان مكنتيش شايفه نفسك عامله ازاي ! أنتِ ممكن في لحظه من غير ما تحسي تلاقي نفسك دوختِ ووقعتي يبقى ايه الوضع وقتها ؟

استندت برأسها على كتفه وقالت :

-آسفه بعد كده هاخد بالي , متقلقش عليا .

طبع قبله هادئه فوق جبهتها وهو يقول :

-أنا معنديش أغلى منكوا إن مكنتش هقلق عليكم هقلق على مين ! , وعمومًا بعد فرح علي ما يعدي هبعت أجيب العمال عشان يركبوا الأسانسير .

رفعت رأسها له وقالت بابتسامه :

-ماشي ياحبيبي يلا بقى روح لعمي على الفندق عشان ترتبوا الدنيا وأنا هنزل لماما في شقة علي بترتب حاجات التلاجه والمطبخ وكده .

أردف بتحذير :

-متجهديش نفسك سامعه .

-والله ماما أصلاً مش مخلياني بعمل حاجه , بس هو ليه علي صمم ييجوا البيت مش كانوا فضلوا كام يوم في الفندق أحسن !

ضحك بشده ثم قال من بين ضحكاته :

-علي وفندق ! , علي متعقد من الفنادق من وهو صغير ومستحيل يبات في فندق مهما حصل .

تسائلت باستغراب :

-ليه ؟

-في مره واحنا صغيرين كان علي تقريبًا عنده 9 سنين كده كنا في فندق في الغردقه مع بابا وماما بنقضي أسبوعين هناك , وكان وقتها السخان الدارج هو سخان الغاز ده , المهم نزلت أنا وبابا نشتري حاجه وكان هو وماما بس في الجناح وهو حب يستحمى فراح يشغل السخان من غير ما يعرف ماما وشغله غلط أو معرفش أيه الي حصل وقتها المهم أنه يدوب شغله ولسه طالع من باب الحمام عشان يجيب هدومه ويرجع السخان انفجر ووقتها ذراعه اتحرق وفضل يعالج فيه كتير , والمره التانيه كانت وهو عنده 15 سنه كده كان مع بابا في شغل خاص بيه وباتوا في فندق ووقتها لحظهم حصلت فيه جريمة قتل , فحلف على الفنادق ما يبات فيها تاني .

ضحكت بجلجله وهي تقول :

-بصراحه معاه حق .

---------( ناهد خالد )-----------------

-أنا حاسه إني بحلم , مش مصدقه إن حلم حياتي بيتحقق دلوقتي .

قالتها "رندا " بأعين دامعه وهي تقف أمام " علي " بفستان زفافها الأبيض , فابتسم لها بعشق وهو يحتضن ذراعيها ويقول :

-وأنا مش مصدق إني كنت هضيعك من أيدي بسبب غبائي , ومش مصدق إنك بقيتِ ليا ومش هعيش طول عمري بوجع قلبي الي مش طالك .

ابتسمت بدموع تملأ عيناها وهي تردد :

-ربنا موجعش قلوبنا يا علي وكان رحيم بينا , يمكن عشان احنا كتمنا حبنا جوانا وفضلنا ندعيه من غير من نعصيه .

أومئ برأسه وهو يأكد :

-أكيد , ربنا بيكافئنا على صبرنا كل السنين دي .

اقترب منها محتضنًا إياها بشده يؤكد لنفسه أنها أصبحت ملكه وفاز قلبه بها , وهي أغمضت عيناها لتريح قلبها بعد عناء الطريق ومشقة المشوار الذي قطعته بكل صبر وأمل كي تصل لهنا " بين أحضانه "

----------------------

جلس بجوارها بعدما انتهى من استقبال المدعوين وبدأ الإحتفال بالزفاف محتضنًا كفها بقوه من أسفل الطاوله يتابعان بسعاده فرحة العروسان الظاهره بوضوح عليهما وهما يتمنيان لهما حياه هادئه وسعيده , التفت لصالح تسأله بلهفه :

-صحيح مقولتليش ناوي تسمي إبننا ايه ؟

نظر لها بسعاده وهو يقول :

-أنا شوفت اسم من فتره وعجبني اوي بفكر نسميه .

سألته بفضول :

-إسم إيه ؟

-ريان .

التمعت عيناها بفرحه وهي تستشعر حلاوة الإسم ثم قالت :

-ريان ...باب من أبواب الجنه .....حلو أوي يا صالح أنا موافقه عليه .

جذبها ناحيته محتصنًا إياها من الجانب وهو يهمس مرددًا :

-ريان صالح الزيني .. تحسي إسم فِخم كده .

ضحكت بخفوت وهي تردد :

-طبعًا ياحبيبي مش إبنك .

زفر أنفاسه بعمق وقال وهو ينظر لجانب وجهها :

-ربنا ميحرمنيش منكوا أبدًا وتفضلوا منورين حياتي , أنا من غيرك معرفش أعيش يا ياسمين .

رفعت أنظارها له وقالت مُصححه بإبتسامه :

-قصدك من غيرنا .

نفى برأسه وهو يقول :

-لأ ..من غيرك , أنا لسه مشفتوش بس شوفتك أنتِ وعشتي معايا , أنا بحبه عشان هو حته منك عشان كده لما ييجي مش هيكون عندي أغلى منكوا .

التمعت عيناها حبًا وهي تقول :

-قلبي مُصاب بحبك يا صالح , وعمري ما هشفى منه .

رفع كفها يقبله بعمق ثم أردف بحب كامن :

-وأنا في حبك غريق رافض يوصل للبر .

وهُنا أعطته أجمل ابتسامه قد رآها يومًا ..ابتسامتها هي التي تسحره والمميزه تمامًا كتميز الياسمين عن باقي الزهور، وأخيرًا أثبت صالح أنه صالحًا صادقًا مخلصًا لمن أحب .

" من يحب بحق يفعل المستحيل دون أدنى مبالغه، وما غير هذا ليس حبًا بل مجرد مشاعر جميله"

" تمت بحمد الله "

خلصتي؟ الرواية الجاية أقوى وأحلى… تعالي وعيشيها معانا👇

تعليقات